×

 «فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا»، والأشر والبطر: هو الفرح والمرح، وهذا منهي عنه؛ ﴿وَلَا تَكُونُواْ كَٱلَّذِينَ خَرَجُواْ مِن دِيَٰرِهِم بَطَرٗا وَرِئَآءَ ٱلنَّاسِ [الأنفال: 47]: فرحين بما هم عليه من القوة ومغرورين بقوتهم، فأنت لم تخرج من باب المباهاة، وإنما خرجت للعبادة.

«وَلاَ رِيَاءً وَلاَ سُمْعَةً»، الرياء: هو مراءاة الناس في الأعمال؛ بأن تحسن العمل، أو تخرج إلى الصلاة من أجل أن يراك الناس، فيمدحوك، إذا كان هذا هو الغرض؛ فهذا شرك أصغر، شرك يُبطِل العمل، كما قال صلى الله عليه وسلم: «إِنَّ أَخْوَفَ مَا أَخَافُ عَلَيْكُمُ الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ»، قَالُوا: وَمَا الشِّرْكُ الأَْصْغَرُ يَا رَسُولَ الله؟ قَالَ: «الرِّيَاءُ» ([1])، وفي رواية: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِمَا هُوَ أَخْوَفُ عَلَيْكُمْ عِنْدِي مِنَ الْمَسِيحِ الدَّجَّالِ؟» قَالَ: قُلْنَا: بَلَى، فَقَالَ: «الشِّرْكُ الْخَفِيُّ، أَنْ يَقُومَ الرَّجُلُ يُصَلِّي، فَيُزَيِّنُ صَلاَتَهُ؛ لِمَا يَرَى مِنْ نَظَرِ رَجُلٍ» ([2])، أن تعمل الأعمال من أجل رؤية الناس، وإذا كنت خاليًا من الناس، فإنك لا تعمل، هذا هو الرياء وهذا يحبط العمل الذي وقع فيه، ولا يكون لصاحبه أجر، وهو شرك.

فلا بد أن المسلم يخلص عمله لله؛ ﴿فَمَن كَانَ يَرۡجُواْ لِقَآءَ رَبِّهِۦ فَلۡيَعۡمَلۡ عَمَلٗا صَٰلِحٗا وَلَا يُشۡرِكۡ بِعِبَادَةِ رَبِّهِۦٓ أَحَدَۢا [الكهف: 110].

«فَإِنِّي لَمْ أَخْرُجْ أَشَرًا وَلاَ بَطَرًا»، توسُّل إلى الله بإخلاصه لله عز وجل.

«وَلاَ رِيَاءً، وَلاَ سُمْعَةً»، السمعة: لما يسمع من الأقوال، كأن يذكر الله؛ لأجل أن يسمعه الناس، يقرأ القرآن، ويحسن التلاوة من أجل أن يسمعه الناس، ويثنوا عليه.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (23630)، والبيهقي في الشعب رقم (6412).

([2])  أخرجه: ابن ماجه رقم (4204)، وأحمد رقم (11252).