وَتَرْتِيبُ الآيَاتِ وَاجِبٌ؛ لأَنَّهُ
بِالنَّصِّ، وَتَرْتِيبُ السُّوَرِ بِالاجْتِهَادِ لاَ بِالنَّصِّ فِي قَولِ
جُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ، فَتَجُوزُ قِرَاءَةُ هَذِهِ قَبْلَ هَذِهِ، وَلِهَذَا
تَنَوَّعَتْ مَصَاحِفُ الصَّحَابَةِ فِي كِتَابَتِهَا، وَكَرِهَ أَحْمَدُ
قِرَاءَةَ حَمْزَةَ وَالْكِسَائِيِّ، وَالإِدْغَامَ الْكَبِيرَ لأَبِي عَمْرٍو.
****
الشرح
قوله
رحمه الله: «وَتَرْتِيبُ
الآيَاتِ وَاجِبٌ؛ لأَنَّهُ بِالنَّص»، يجب على المصلي أن يرتب الآيات في
الفاتحة وفي غيرها، ولا يجوز له أن ينكسها؛ كأن يقول مثلاً: «الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين»، فيبدأ بـ «الرحمن الرحيم» قبل «الحمد لله رب العالمين»، أو يقول: «اهدنا الصراط المستقيم، إياك نعبد وإياك
نستعين»، هذا لا يجوز، حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يأمر كُتَّاب
الوحي، إذا نزلت عليه الآية يأمرهم، ويقول: «ضَعُوهَا
بَعْدَ كَذَا وَكَذَا» ([1])،
فترتيب الآيات هذا توقيفي من الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا تجوز مخالفته.
وأما ترتيب السور، فإنه اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم، وليس فيه نص، اجتهاد الصحابة رضي الله عنهم، لما كتبوا المصحف، رتبوا السور على هذا النمط، ينبغي أن يتقيد بهذا، وأن يرتب السور، لكن لو أنه قرأ سورة قبل الأخرى، فإنه لا بأس لو خالف الترتيب، قرأ في الركعة الأولى مثلاً سورة: ﴿وَٱلَّيۡلِ إِذَا يَغۡشَىٰ﴾ [الليل: 1]، وقرأ في الركعة الثانية سورة: ﴿وَٱلشَّمۡسِ وَضُحَىٰهَا﴾ [الشمس: 1]، أو قرأ في الأولى سورة الناس، وقرأ في الثانية سورة الفلق، هذا لا بأس به، صلاته صحيحه؛ لأنه ترك سُنة؛ لأن ترتيب السور مسنون، ليس واجبًا؛ لأنه لم يكن بتوقيف من الرسول صلى الله عليه وسلم.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (786، 787)، والترمذي رقم (3086).