قال رحمه الله: «وَعَنْ أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي
سَبِيلِ اللهِ حَتَّى يَرْجِعَ»، يعني: له أجر المجاهد في سبيل الله؛ لأن هذا
يتعدى نفعه للمسلمين، فيقوم بإفتائهم ودعوتهم إلى الله سبحانه وتعالى، فينفعهم
بذلك، فنفعه متعدٍّ، والعمل الذي نفعه متعدٍّ أفضل من العمل الذي يقتصر نفعه على
صاحبه، ولذلك طلب العلم أفضل من قيام الليل؛ لأن قيام الليل نفعه مقصور على صاحبه،
أما طلب العلم، فنفعه يتعدى إلى الآخرين.
قال
رحمه الله: «قَالَ الشَّيْخُ: تَعَلُّمُ
الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ يَدْخُلُ فِي الْجِهَادِ، وَأَنَّهُ نَوْعٌ مِنْهُ»،
تعلُّم العلم وتعليمه يدخل في الجهاد في سبيل الله؛ لما فيه من النفع المتعدي،
ولما فيه من نشر الخير؛ كما أن الجهاد في سبيل الله فيه نشر للإسلام، وفيه عز
المسلمين، وفيه إذلال الكفار، وطلب العلم من الجهاد في سبيل الله، ولهذا جاء في
الحديث: «وَإِنَّ فَضْلَ الْعَالِمِ عَلَى
الْعَابِدِ كَفَضْلِ الْقَمَرِ عَلَى سَائِرِ الْكَوَاكِبِ» ([1])..
قال رحمه الله: «وَقَالَ: اسْتِيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلاً وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ وَمَالُهُ»، وَعَنْ أَحْمَدَ: «لَيْسَ يُشْبِهُ الْحَجَّ شَيْءٌ؛ لِلتَّعَبِ الَّذِي فِيهِ، وَلِتِلْكَ الْمَشَاعِرِ، وَفِيهِ مَشْهَدٌ لَيْسَ فِي الإِسْلاَمِ مِثْلُهُ: عَشِيَّةُ عَرَفَةَ، وَفِيهِ إِنْهَاكُ الْمَالِ وَالْبَدَنِ»، الحج عمل عظيم؛ لما فيه من التعب، والسفر، ووَعْثاء السفر، وما فيه من تطلُّب النفقات على الحاج، ولما فيه من الوقوف في المشاعر العظيمة، وأعظمها الوقوف في عرفة؛ قال صلى الله عليه وسلم: «الْحَجُّ عَرَفَةُ» ([2])، يعني: أعظم أركان الحج الوقوف بعرفة.
([1]) أخرجه: أبو داود رقم (3641)، والترمذي رقم (2682)، وابن ماجه رقم (223).