قوله رحمه الله: «وَقَالَ: تَذَاكُرُ بَعْضِ لَيْلَةٍ أَحَبُّ إِلَيَّ مِنْ إِحْيَائِهَا»،
تذاكُر بعض ليلة بالعلم أحب إلى الإمام أحمد رحمه الله من إحياء هذه الليلة
بالعبادة، الانشغال بطلب العلم أفضل من الانشغال بنوافل العبادة، أما الفرائض، فلا
بد منها، فطلب العلم بالمذاكرة أحب من قيام الليل؛ لأن قيام الليل نفعه يقصر على
نفس العامل، بخلاف طلب العلم، فنفعه للعالم ولغيره؛ لأن العالم ينشر علمه،
ويُعلِّم الناس، ويدعو إلى الله على بصيرة.
قوله
رحمه الله: ««يَجِبُ أَنْ
يَطْلُبَ الرَّجُلُ مِنَ الْعِلْمِ مَا يَقُومُ بِهِ دِينُهُ»، قِيلَ لَهُ:
مِثْلُ أَيِّ شَيْءٍ؟» قال -يعني: الإمام أحمد-: يجب على الرجل أن يتعلم ما يقوم
به دينه، والدين وهو العمل لا يقوم إلا بالعلم، فيعرف كيف يصلي، كيف يزكي، كيف
يصوم، كيف يحج، فلا بد أن تُؤسَّس الأعمال على العلم.
قوله
رحمه الله: «قَالَ:
الَّذِي لاَ يَسَعُهُ جَهْلُهُ»، الذي لا يسعه جهله، يعني: لا يُعذَر بجهله،
فالمسلم لا يُعذَر بجهل أمور دينه، لا بد أن يتعلمها، وأما أنه يُعذَر في أحكام
المعاملات وبقية الأبواب، فهذا يُعذَر الإنسان بجهله فيه إذا وقع في الخطأ.
قال
الإمام أحمد لما سُئِل: مثل أي شيءٍ؟ قال: «الذي
لا يسعه جهله»، يعني: يتعلم من العلم ما لا يسعه -أي: لا يجوز له جهله-؛ مما
يقوم به دينه، ويصح به عمله، فالعبادة لا تكون عن جهل، وإنما تُؤسَّس على علم،
وعلى أدلة من الكتاب والسُّنة، ولذلك بدأ الله بالعلم قبل القول والعمل، كما سبق.