ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ
مِنْ: عِيَادَةِ مَرِيضٍ، أَوْ قَضَاءِ حَاجَةٍ، أَوْ إِصْلاحٍ بَيْنَ النَّاسِ؛
لقوله صلى الله عليه وسلم: «أَلاَ أُخْبِرُكُمْ بِخَيْرِ أَعْمَالِكُمْ،
وَبِأَفْضَلَ مِنْ دَرَجَةِ الصَّوْمِ وَالصَّلاَةِ؟ إِصْلاَحُ ذَاتِ الْبَيْنِ؛
فَإِنَّ فَسَادَ ذَاتِ الْبَيْنِ هِيَ الْحَالِقَةُ»، صَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ ([1])، وَقَالَ
أَحْمَدُ: اتِّبَاعُ الْجَنَازَةِ أَفْضَلُ مِنَ الصَّلاةِ.
وَمَا
يَتَعَدَّى نَفْعُهُ يَتَفَاوَتُ؛ فَصَدَقَةُ قَرِيبٍ مُحْتَاجٍ أَفْضَلُ مِنْ
عِتْقٍ، وَهُوَ أَفْضَلُ مِنَ صَدَقَةٍ عَلَى أَجْنَبِيٍّ، إلاَّ زَمَنَ
مَجَاعَةٍ، ثُمَّ حَجٌّ.
وَعَنْ
أَنَسٍ مَرْفُوعًا: مَنْ خَرَجَ فِي طَلَبِ الْعِلْمِ فَهُوَ فِي سَبِيلِ اللهِ
حَتَّى يَرْجِعَ، قَالَ التِّرْمِذِيُّ: حَسَنٌ غَرِيبٌ ([2]).
قَالَ
الشَّيْخُ: تَعَلُّمُ الْعِلْمِ وَتَعْلِيمُهُ يَدْخُلُ فِي الْجِهَادِ، وَأَنَّهُ
نَوْعٌ مِنْهُ، وَقَالَ: استيعَابُ عَشْرِ ذِي الْحِجَّةِ بِالْعِبَادَةِ لَيْلاً
وَنَهَارًا أَفْضَلُ مِنَ الْجِهَادِ الَّذِي لَمْ يَذْهَبْ فِيهِ نَفْسُهُ
وَمَالُهُ.
وَعَنْ
أَحْمَدَ: لَيْسَ يُشْبِهُ الْحَجَّ شَيْءٌ؛ لِلتَّعَبِ الَّذِي فِيهِ، وَلِتِلْكَ
الْمَشَاعِرِ، وَفِيهِ مَشْهَدٌ لَيْسَ فِي الإِسْلاَمِ مِثْلُهُ؛ عَشِيَّةُ
عَرَفَةَ، وَفِيهِ إِنْهَاكُ الْمَالِ وَالْبَدَنِ.
****
الشرح
قوله رحمه الله: «ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ مَا يَتَعَدَّى نَفْعُهُ»، ثم بعد ذلك من العلم ما يتعدى نفعه إلى الآخرين: بإفتائهم، وتعليمهم، وتوجيههم،