×

 وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ مَسْنُونَةٌ كُلَّ وَقْتٍ، وَسِرًّا أَفْضَلُ، وَكَذَلِكَ فِي الصِّحَّةِ وَبِطِيبِ نَفْسٍ، وَفِي رَمَضَانَ؛ لِفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم، وَفِي أَوْقَاتِ الْحَاجَةِ؛ لقوله تَعَالَى: ﴿أَوۡ إِطۡعَٰمٞ فِي يَوۡمٖ ذِي مَسۡغَبَةٖ [البلد: 14].

وَهِيَ عَلَى الْقَرِيبِ صَدَقَةٌ وَصِلَةٌ وَلا سِيَّمَا مَعَ الْعَدَاوَةِ؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «...تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ» ([1])، ثُمَّ الْجَارِ؛ لقوله تَعَالَى: ﴿وَٱلۡجَارِ ذِي ٱلۡقُرۡبَىٰ وَٱلۡجَارِ ٱلۡجُنُبِ [النساء: 36]، وَمَنِ اشْتَدَّتْ حَاجَتُهُ؛ لِقوله تَعَالَى: ﴿أَوۡ مِسۡكِينٗا ذَا مَتۡرَبَةٖ [البلد: 16].

وَلا يَتَصَدَّقُ بِمَا يَضُرُّهُ، أَوْ يَضُرُّ غَرِيمَهُ، أَوْ مَنْ تَلْزَمُهُ مُؤْنَتُهُ، وَمَنْ أَرَادَ الصَّدَقَةَ بِمَالِهِ كُلِّهِ وَلَهُ عَائِلَةٌ يَكْفِيهِمْ بِكَسْبِهِ، وَعَلِمَ مِنْ نَفْسِهِ حُسْنَ التَّوَكُّلِ اسْتُحِبَّ؛ لِقِصَّةِ الصِّدِّيقِ ([2])، وَإِلاَّ لَمْ يَجُزْ، وَيُحْجَرُ عَلَيْهِ.

وَيُكْرَهُ لِمَنْ لاَ صَبْرَ لَهُ عَلَى الضِّيقِ أَنْ يُنْقِصَ نَفْسَهُ عَنِ الْكِفَايَةِ التَّامَّةِ، وَيَحْرُمُ الْمَنُّ فِي الصَّدَقَةِ، وَهُوَ كَبِيرَةٌ يُبْطِلُ ثَوَابَهَا، وَمَنْ أَخْرَجَ شَيْئًا يَتَصَدَّقُ بِهِ ثُمَّ عَارَضَهُ شَيْءٌ اسْتُحِبَّ لَهُ أَنْ يُمْضِيَهُ، وَكَانَ عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ إِذَا أَخْرَجَ طَعَامًا لِسَائِلٍ فَلَمْ يَجِدْهُ عَزَلَهُ، وَيَتَصَدَّقُ بِالْجَيِّدِ، وَلا يَقْصِدُ الْخَبِيثَ فَيَتَصَدَّقُ بِهِ، وَأَفْضَلُهَا جَهْدُ الْمُقِلِّ وَلا يُعَارِضُهُ خَبَرُ: خَيْرُ الصَّدَقَةِ مَا كَانَ عَنْ ظَهْرِ غِنًى ([3])، الْمُرَادُ: جَهْدُ الْمُقِلِّ بَعْدَ حَاجَةِ عِيَالِهِ.


الشرح

([1])  أخرجه: أحمد رقم (15618).

([2])  أخرجه: أبو داود رقم (1678)، والترمذي رقم (3675).

([3])  أخرجه: البخاري رقم (1428)، ومسلم رقم (1034).