فَصْلٌ
فَلَمَّا كَانَ الشِّرْكُ
أَكْبَرَ شَيْءٍ مُنَافَاةً لِلأَْمْرِ الَّذِي خَلَقَ اللَّهُ لَهُ الْخَلْقَ،
وَأَمَرَ لأَِجْلِهِ بِالأَْمْرِ، كَانَ مِنْ أَكْبَرِ الْكَبَائِرِ عِنْدَ
اللَّهِ.
وَكَذَلِكَ الْكِبْرُ
وَتَوَابِعُهُ كَمَا تَقَدَّمَ، فَإِنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ خَلَقَ الْخَلْقَ
وَأَنْزَلَ الْكِتَابَ لِتَكُونَ الطَّاعَةُ لَهُ وَحْدَهُ، وَالشِّرْكُ
وَالْكِبْرُ يُنَافِيَانِ ذَلِكَ.
وَلِذَلِكَ حَرَّمَ اللَّهُ
الْجَنَّةَ عَلَى أَهْلِ الشِّرْكِ وَالْكِبْرِ، فَلاَ يَدْخُلُهَا مَنْ كَانَ فِي
قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ ([1]).
****
الشرح
ذكر المُصنِّفُ صلى الله
عليه وسلم فيما سبق أَنَّ الشِّرْكَ هو التَّشبُّهُ باللهِ، أَوْ تشبيهٌ للهِ
بخَلْقِه، فالذي يتكبَّر هذا قد تشبَّه بالله؛ لأَنَّ الكِبْرِيَاءَ للهِ
تَبَارَكَ وتعالى، والعِزَّةَ والعظمةَ للهِ وَحْدَهُ، أَمَّا الإِنْسانُ فهو
مخلوقٌ ضعيفٌ، فكيف يتكبَّر؟! فإِذَا تَكَبَّرَ كان متشبهاً باللهِ في
كِبْرِيَائِهِ وعظمتِه.
وكذلك من التَّشبُّهِ بالله
سبحانه وتعالى أَنْ يَعْبُدَ الإِنْسانُ غيرَ الله؛ لأَنَّ مَن عَبَدَ غيرَ الله
فقد شبَّه معبودَه باللهِ.
***