فَصْلٌ
وَأَكْثَرُ مَا تَدْخُلُ
الْمَعَاصِي عَلَى الْعَبْدِ مِنْ هَذِهِ الأَْبْوَابِ الأَْرْبَعَةِ، فَنَذْكُرُ
فِي كُلِّ بَابٍ مِنْهَا فَصْلاً يَلِيقُ بِهِ.
فَأَمَّا اللَّحَظَاتُ:
فَهِيَ رَائِدُ الشَّهْوَةِ وَرَسُولُهَا، وَحِفْظُهَا أَصْلُ حِفْظِ الْفَرْجِ،
فَمَنْ أَطْلَقَ بَصَرَهُ أَوْرَدَ نَفْسَهُ مَوَارِدَ الْمُهْلِكَاتِ.
وَقَالَ النَّبِيُّ صلى الله
عليه وسلم : «لاَ تُتْبِعِ النَّظْرَةَ النَّظْرَةَ، فَإِنَّمَا لَكَ الأُْولَى
وَلَيْسَتْ لَكَ الأُْخْرَى» ([1]).
وَفِي الْمُسْنَدِ عَنْهُ
صلى الله عليه وسلم : «النَّظْرَةُ سَهْمٌ مَسْمُومٌ مِنْ سِهَامِ إِبْلِيسَ،
فَمَنْ غَضَّ بَصَرَهُ عَنْ مَحَاسِنِ امْرَأَةٍ لِلَّهِ، أَوْرَثَ اللَّهُ
قَلْبَهُ حَلاَوَةً إِلَى يَوْمِ يَلْقَاهُ» ([2]). هَذَا
مَعْنَى الْحَدِيثِ.
وَقَالَ: «غُضُّوا
أَبْصَارَكُمْ، وَاحْفَظُوا فُرُوجَكُمْ» ([3])، وَقَالَ:
«إِيَّاكُمْ وَالْجُلُوسَ عَلَى الطُّرُقَاتِ»، قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ،
مَجَالِسُنَا مَا لَنَا بُدٌّ مِنْهَا، قَالَ: «فَإِنْ كُنْتُمْ لاَ بُدَّ فَاعِلِينَ،
فَأَعْطُوا الطَّرِيقَ حَقَّهُ»، قَالُوا: وَمَا حَقُّهُ؟ قَالَ: «غَضُّ الْبَصَرِ
وَكَفُّ الأَْذَى وَرَدُّ السَّلاَمِ» ([4]).
وَالنَّظَرُ أَصْلُ عَامَّةِ الْحَوَادِثِ الَّتِي تُصِيبُ الإِْنْسَانَ، فَالنَّظْرَةُ تُوَلِّدُ خَطْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْخَطْرَةُ فِكْرَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الْفِكْرَةُ شَهْوَةً، ثُمَّ تُوَلِّدُ الشَّهْوَةُ إِرَادَةً، ثُمَّ تَقْوَى فَتَصِيرُ عَزِيمَةً جَازِمَةً، فَيَقَعُ الْفِعْلُ وَلاَ بُدَّ، مَا لَمْ يَمْنَعْ مِنْهُ مَانِعٌ.
الصفحة 1 / 375