فَصْلٌ
وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرْنَاهُ
مُقَدِّمَةً بَيْنَ يَدَيْ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ وَوُجُوبِ حِفْظِ الْفَرْجِ.
وَقَدْ قَالَ صلى الله عليه وسلم : «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ:
الْفَمُ، وَالْفَرْجُ» ([1]).
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْهُ
صلى الله عليه وسلم : «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ بِإِحْدَى
ثَلاَثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي، وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ
الْمُفَارِقِ لِلْجَمَاعَةِ» ([2]).
وَهَذَا الْحَدِيثُ فِي
اقْتِرَانِ الزِّنَا بِالْكُفْرِ وَقَتْلِ النَّفْسِ نَظِيرُ الآْيَةِ الَّتِي فِي
الْفُرْقَانِ، وَنَظِيرُ حَدِيثِ ابْنِ مَسْعُودٍ.
وَبَدَأَ رَسُولُ اللَّهِ
صلى الله عليه وسلم بِالأَْكْثَرِ وُقُوعًا، وَالَّذِي يَلِيهِ، فَالزِّنَا
أَكْثَرُ وُقُوعًا مِنْ قَتْلِ النَّفْسِ، وَقَتْلُ النَّفْسِ أَكْثَرُ وُقُوعًا
مِنَ الرِّدَّةِ، وَأَيْضًا فَإِنَّهُ تَنَقَّلَ مِنَ الأَْكْبَرِ إِلَى مَا هُوَ
أَكْبَرُ مِنْهُ.
وَمَفْسَدَةُ الزِّنَا
مُنَاقِضَةٌ لِصَلاَحِ الْعَالَمِ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ إِذَا زَنَتْ أَدْخَلَتِ
الْعَارَ عَلَى أَهْلِهَا وَزَوْجِهَا وَأَقَارِبِهَا، وَنَكَّسَتْ رُءُوسَهُمْ
بَيْنَ النَّاسِ، وَإِنْ حَمَلَتْ مِنَ الزِّنَا، فَإِنْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا جَمَعَتْ
بَيْنَ الزِّنَا وَالْقَتْلِ، وَإِنْ حَمَلَتْهُ عَلَى الزَّوْجِ أَدْخَلَتْ عَلَى
أَهْلِهِ وَأَهْلِهَا أَجْنَبِيًّا لَيْسَ مِنْهُمْ، فَوَرِثَهُمْ وَلَيْسَ
مِنْهُمْ، وَرَآهُمْ وَخَلاَ بِهِمْ، وَانْتَسَبَ إِلَيْهِمْ وَلَيْسَ مِنْهُمْ،
إِلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِنْ مَفَاسِدِ زِنَاهَا.
****
الشرح
قوله: «وَهَذَا كُلُّهُ ذَكَرْنَاهُ مُقَدِّمَةً بَيْنَ يَدَيْ تَحْرِيمِ الْفَوَاحِشِ»، وقد قالَ اللهُ جل وعلا : {وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَۖ } [الأنعام: 151] ،
([1])أخرجه: الترمذي رقم (2004)، وابن ماجه رقم (4246)، وأحمد رقم (7907)، وابن حبان رقم (476).
الصفحة 1 / 375