يعني: اتْرُكوا وسائلَها
التِي تؤدِّي إليها، وهَذه المَذكُورات وَسائِل، فالنظرُ المُحرَّم وسيلةٌ إلى
الفاحِشة، والمَشي إلى أماكنِ المَعصية وسيلةٌ إلى الفاحِشة، وكذلكَ الخطراتُ
والتفكيرُ، إذا فكَّر في الحَرام وفكَّر في المَعاصي فهو وسيلةٌ إلى الفاحِشة.
وقوله: «أَكْثَرُ مَا يُدْخِلُ النَّاسَ النَّارَ:
الْفَمُ، وَالْفَرْجُ» أخطرُ ما في الإنسانِ هاتانِ الجَارحتان: الفَم الذِي
يَنطق بالكلامِ المُحرَّم، وما أكثرَ هذا! والفَرج الذِي يقعُ في الشَّهوة
المُحرَّمة، فإذا حفظَ لسانَه وفرجَه دخلَ الجَنَّة، كما في الحَديث: «مَنْ يَضْمَنْ لِي مَا بَيْنَ لَحْيَيْهِ
وَمَا بَيْنَ رِجْلَيْهِ أَضْمَنْ لَهُ الجَنَّةَ» ([1]).
وقوله: «لاَ يَحِلُّ دَمُ امْرِئٍ مُسْلِمٍ إِلاَّ
بِإِحْدَى ثَلاَثٍ: الثَّيِّبِ الزَّانِي» هذا هو خَطرُ الفَرجِ، حيثُ يُحِلُّ
دَمَ المُسلِم إذا زَنى وهو مُحصَنٌ، وهذا خطرٌ عظيمٌ.
ثم قَرَنَ الزنَا مع قتلِ
النفسِ بغَير حَقٍّ، وبالشركِ باللهِ، فقالَ: «وَالنَّفْسِ بِالنَّفْسِ، وَالتَّارِكِ لِدِينِهِ الْمُفَارِقِ
لِلْجَمَاعَةِ».
وقوله: «وَمَفْسَدَةُ الزِّنَا مُنَاقِضَةٌ لِصَلاَحِ
الْعَالَمِ»، فإذا زَنت المَرأةُ هَدَمَتْ أُسْرَتَها أولاً، وألحقتْ بهم العَارَ، ثم
تَهدِم المُجتمع بفسادِ الأعراضِ، وكَثرة أولادِ الزنَا، وحُدوث الأمراضِ... وغَير
ذلكَ، ولهذا قالَ تَعالى: {وَلَا تَقۡرَبُواْ ٱلزِّنَىٰٓۖ
إِنَّهُۥ كَانَ فَٰحِشَةٗ وَسَآءَ سَبِيلٗا} [الإسراء: 32] .
وقوله: «فَإِنْ قَتَلَتْ وَلَدَهَا جَمَعَتْ بَيْنَ الزِّنَا وَالْقَتْلِ»، وما أكثرَ ما يقعُ مِن قتلِ أولادِ الزنَا! فإما أن تَحتال عليه بإسقاطِه وإجهاضِه،
([1])أخرجه: البخاري رقم (6474).