فَصْلٌ
وَدَوَاءُ هَذَا الدَّاءُ
الْقَتَّالُ: أَنْ يَعْرِفَ أَنْ مَا ابْتُلِيَ بِهِ مِنْ هَذَا الدَّاءِ
الْمُضَادِّ لِلتَّوْحِيدِ، إِنَّمَا هُوَ مِنْ جَهْلِهِ وَغَفْلَةِ قَلْبِهِ عَنِ
اللَّهِ تَعَالَى، فَعَلَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ تَوْحِيدَ رَبِّهِ وَسُنَّتَهُ
أَوَّلاً، ثُمَّ يَأْتِي مِنَ الْعِبَادَاتِ الظَّاهِرَةِ وَالْبَاطِنَةِ بِمَا
يَشْغَلُ قَلْبَهُ عَنْ دَوَامِ الْفِكْرَةِ فِيهِ، وَيُكْثِرُ اللَّجَأَ
وَالتَّضَرُّعَ إِلَى اللَّهِ سُبْحَانَهُ فِي صَرْفِ ذَلِكَ عَنْهُ، وَأَنْ
يُرَاجِعَ بِقَلْبِهِ إِلَيْهِ.
وَلَيْسَ لَهُ دَوَاءٌ
أَنْفَعُ مِنَ الإِْخْلاَصِ لِلَّهِ، وَهُوَ الدَّوَاءُ الَّذِي ذَكَرَهُ اللَّهُ
فِي كِتَابِهِ حَيْثُ قَالَ: {كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ
ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ} [يُوسُفَ: 24] .
وَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ صَرَفَ عَنْهُ السُّوءَ مِنَ الْعِشْقِ
وَالْفَحْشَاءَ مِنَ الْفِعْلِ بِإِخْلاَصِهِ، فَإِنَّ الْقَلْبَ إِذَا أَخْلَصَ
وَأَخْلَصَ عَمَلَهُ لِلَّهِ لَمْ يَتَمَكَّنْ مِنْهُ عِشْقُ الصُّوَرِ فَإِنَّهُ
إِنَّمَا يَتَمَكَّنُ مِنْ قَلْبٍ فَارِغٍ، كَمَا قَالَ:
............ |
|
فَصَادَفَ قَلْبًا خَالِيًا
فَتَمَكَّنَا |
****
الشرح
الإِخلاصُ للهِ يَمنعُ الإِنْسَان مِن الوقوعِ في الشِّرك، ويَكونُ قلبُه خَالصًا لله عز وجل ، وأمَّا إِذا أَشرَك مع اللهِ فقدِ انقَسمَ قلبُه أَو خَلُص قلبُه للمَعشوقِ والمَعبودِ مِن دونِ اللهِ عز وجل كحَالِ المُشركَين، ولا نَقصِد بالمشْركين عبَدة الأَصنَامِ فقط، بل عَبَدة القُبورِ أَشد مِن عبَدة الأصنَاممِن أنَّهم يدَّعون الإسَلامويَنطِقُون بالشَّهادَتين، لكنَّهم يَعبدُون الأَمواتَ فيَذبحُون لهُم، وَيَنذرُون لهم، ويَطوفُون بقبُورِهم، ويَتبَركُون بُتربتِهم، ويَبكُون حولَهم، ويَستغيثُون بِهم؛ فتَجد أحدَهم يَبكي عند القَبر ولا يَبكِي في المَسجد بيْت الله عز وجل ، فهَذا مِن العجَائبِ في بنِي آدمَ أنَّه
الصفحة 1 / 375