يَنسَى خَالِقَه وربَّه ويَذهبُ إلى مَخلُوقٍ
أقلَّ منْه، فالمَيتُ أقلّ مِن الحَي لا يملك لِنفسِه شَيئًا، والحَي مَخلُوقٌ
مثلُك، فَقيرٌ مثلُك، فكيفَ تَطلبُ منْه وهو فَقيرٌ مثلُك مُحتاجٌ إلى اللهِ عز
وجل ؟!
وقولُه: «وليْس له دَواءٌ أَنفَع مع الإِخْلاصِ لله»،
وهو الذي نَجَّى اللهُ جل وعلا يُوسفَ عليه السلام مِن العِشقِ لمَّا رَاودتْه
امْرأَة العَزيز، امْرأَةُ مَلِك وجَميلَة، وعندَها ترَفٌ وعندَها مَنصِب، لكنَّه
أعرَض عنْها وقال: {وَرَٰوَدَتۡهُ
ٱلَّتِي هُوَ فِي بَيۡتِهَا عَن نَّفۡسِهِۦ وَغَلَّقَتِ ٱلۡأَبۡوَٰبَ وَقَالَتۡ هَيۡتَ
لَكَۚ قَالَ مَعَاذَ ٱللَّهِۖ إِنَّهُۥ رَبِّيٓ أَحۡسَنَ مَثۡوَايَۖ إِنَّهُۥ لَا
يُفۡلِحُ ٱلظَّٰلِمُونَ ٢٣وَلَقَدۡ هَمَّتۡ بِهِۦۖ وَهَمَّ بِهَا لَوۡلَآ أَن رَّءَا
بُرۡهَٰنَ رَبِّهِۦۚ كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ
إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ ٢٤ } [يوسف: 23- 24] يعني: طَلَبتْ منْه {وَهَمَّ
بِهَا لَوۡلَآ أَن رَّءَا بُرۡهَٰنَ رَبِّهِۦۚ كَذَٰلِكَ لِنَصۡرِفَ عَنۡهُ ٱلسُّوٓءَ
وَٱلۡفَحۡشَآءَۚ إِنَّهُۥ مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ} [يوسف: 24] . يعني:
لوْلا أنَّ اللهَ عَصمَه لهَمَّ بِها، لكنَّ اللهَ عصمَهفأعرَض عنْها ولمْ يَلتفتْ
إليْها، وسببُ ذلك: {إِنَّهُۥ
مِنۡ عِبَادِنَا ٱلۡمُخۡلَصِينَ} [يوسف: 24] ، فعنْد ذلك عصَمَه اللهُ جل وعلا مِن هذه
الوَرطَة العَظيمَة وهذه الفِتنَة الكَبيرَة، ونَجاه مِنها بسَببِ إيمَانِه
وتَوحيدِه وإِخلاصِه لله عز وجل .
فيُؤخَذُ مِن قِصَّة يوسفَ عليه السلام أنَّ الإِنْسَان إِذا ابتُلي ووَقع في فِتنَة ووَقع في شَرٍّ أنَّه يَلجأُ إلَى اللهِ ويَصرفُ قلبَه إلى اللهِ، فإذا تَعلَّق بالله عز وجل ودعَا ربَّه فإنَّ اللهَ يُنجِّيه مِن هذه الفِتنَة، كما نجَّى يوسفَ عليه السلام بإِخلاصِه وتَوحيدِه لله، وتَعلُّقِ قلبِه باللهِ عز وجل ، ولمْ ينخدعْ بهذا المَظهرِ الخَدَّاع الجَذَّاب، لأنَّ عندَه مِن الإِيمَان واليَقينِ ما يَمنعُه مِن الانصَرافِ إلى هذه الفَواحش.