فَصْلُ
فَإِنْ قِيلَ: فَهَلْ مَعَ
هَذَا كُلِّهِ دَوَاءٌ لِهَذَا الدَّاءِ الْعُضَالِ؟ وَرُقْيَةٌ لِهَذَا السِّحْرِ
الْقَتَّالِ؟ وَمَا الاِحْتِيَالُ لِدَفْعِ هَذَا الْخَبَالِ؟ وَهَلْ مِنْ طَرِيقٍ
قَاصِدٍ إِلَى التَّوْفِيقِ؟ وَهَلْ يُمْكِنُ السَّكْرَانَ بِخَمْرِ الْهَوَى أَنْ
يُفِيقَ؟ وَهَلْ يَمْلِكُ الْعَاشِقُ قَلْبَهُ وَالْعِشْقُ قَدْ وَصَلَ إِلَى
سُوَيْدَائِهِ؟ وَهَلْ لِلطَّبِيبِ بَعْدَ ذَلِكَ حِيلَةٌ فِي بُرْئِهِ مِنْ سُوَء
دَائِهِ؟
وَإِنْ لاَمَهُ لاَئِمٌ
الْتَذَّ بِمَلاَمِهِ ذِكْرًا لِمَحْبُوبِهِ، وَإِنْ عَذَلَهُ عَاذِلٌ أَغْرَاهُ
عَذْلُهُ، وَسَارَ بِهِ فِي طَرِيقِ مَطْلُوبِهِ، يُنَادِي عَلَيْهِ شَاهِدُ
حَالِهِ بِلِسَانِ مَقَالِهِ:
وَقَفَ الْهَوَى بِي حَيْثُ أَنْتِ
فَلَيْسَلِي |
|
مُتَأَخَّرٌ عَنْهُ وَلاَ
مُتَقَدَّمُ |
وَأَهَنْتِنِي فَأَهَنْتُ نَفْسِي
جَاهِدًا |
|
مَا مَنْ يَهُونُ عَلَيْكِ مِمَّنْ
يُكْرَمُ |
أَشْبَهْتِ أَعْدَائِي فَصِرْتُ
أُحِبُّهُمْ |
|
إِذْ كَانَ حَظِّي مِنْكِ حَظِّي
مِنْهُمْ |
أَجِدُ الْمَلاَمَةَ فِي هَوَاكِ
لَذِيذَةً |
|
حُبًّا لِذِكْرِكِ فَلْيَلُمْنِي
اللُّوَّمُ ([1]). |
وَلَعَلَّ هَذَا هُوَ
الْمَقْصُودُ بِالسُّؤَالِ الأَْوَّلِ الَّذِي وَقَعَ عَلَيْهِ الاِسْتِفْتَاءُ،
وَالدَّاءُ الَّذِي طَلَبَ لَهُ الدَّوَاءَ.
قِيلَ: نَعَمْ، الْجَوَابُ
مِنْ رَأْسٍ: «مَا أَنْزَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ مِنْ دَاءٍ إِلاَّ جَعَلَ لَهُ
دَوَاءً، عَلِمَهُ مَنْ عَلِمَهُ وَجَهِلَهُ مَنْ جَهِلَهُ» ([2]).
وَالْكَلاَمُ فِي دَوَاءِ
هذاالدَاءِ طَرِيقَيْنِ:
أَحَدُهُمَا: حَسْمُ
مَادَّتِهِ قَبْلَ حُصُولِهَا.
وَالثَّانِي: قَلْعُهَا بَعْدَ نُزُولِهِ.
الصفحة 1 / 375