×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 مَحَلُّ النَّجَاسَاتِ وَالْقَاذُورَاتِ وَالأَْوْسَاخِ، فَلاَ يَصْلُحُ لِسُكْنَى مَعْرِفَةِ اللَّهِ وَمَحَبَّتِهِ وَالإِْنَابَةِ إِلَيْهِ، وَالأُْنْسِ بِهِ وَالسُّرُورِ بِقُرْبِهِ فِيهِ، وَإِنَّمَا يَسْكُنُ فِيهِ أَضْدَادُ ذَلِكَ.

فَهَذِهِ إِشَارَةٌ إِلَى بَعْضِ فَوَائِدِ غَضِّ الْبَصَرِ نُطْلِعُكَ عَلَى مَا وَرَاءَهَا.

****

الشرح

هذه كُلُّها فَوائدُ غضِّ البَصر، ولذلك أمرَ اللهُ به وقالَ: {ذَٰلِكَ أَزۡكَىٰ لَهُمۡۚ} [النور: 30] ، فغَضُّ البصرِ فيه كُل هذه المَصالح وأعظمُ منها، لكِن ما وقعَ الناسُ في الفَواحشِ وفي الشُّرور إلا بسَبب إرسالِ البَصرِ، ومُتابعة الصُّوَر، سواءٌ كانتْ صُوَرًا حَيَّةً أو صُوَرًا مَنقولةً، ففيها البَلاءُ، وفيها الفِتنة.

وبعضُ الناسِ الآنَ قد لا ينظُر إلى النساءِ ولا يَحضُر مَواضع الفِتنة، لكنه يَتساهلُ في النظرِ إلى الصُّوَر المُحرَّمة، وهذا يقومُ مَقام النظرِ إلى النساءِ، بل ربما يكُون أشدَّ خطرًا؛ لأن الذِي ينظرُ إلى المَرأة يخجلُ ولا يُواصِل خُصوصًا إذا كانَ بينَ الناسِ، بخِلاف الذِي يَنظر إلى الصُّوَر وهو في مَنْأَى عن الناسِ، فيَتساهلُ في هَذا ويَرَى أنه لا بأسَ به، فتَأْتِيه الفِتنةُ مِن حيثُ لا يَدرِي.

فلا يُتَسَاهَلْ بالنظرِ إلى الصُّوَر، والتِي أَصبحت الآنَ مَطِيَّةً للشيطانِ، بل إن شياطينَ الإنسِ والجِنِّ يَجتهِدون في إضلالِ الناسِ بها، فيَنشُرونها في مُختلف الوسائلِ، وما خَسروا أموالَهم وتَعبُوا في نَشرها إلا لهذا الغَرَضِ، وما فَعلوا ذلك مِن بَاب العَبَثِ، بل هم يَهْتَمُّون بها ويَنشرونها ويَحرصون عليها؛ لأنهم وَجَدُوا في نَشرها بُغْيَتَهم مِن إفسادِ الناسِ، وإفسادِ القُلوبِ، ونَشر الفَوَاحِش.


الشرح