فَالْحُبُّ وَالإِْرَادَةُ
أَصْلُ كُلِّ فِعْلٍ وَمَبْدَؤُهُ، وَالْبُغْضُ وَالْكَرَاهَةُ أَصْلُ كُلِّ
تَرْكٍ وَمَبْدَؤُهُ، وَهَاتَانِ الْقُوَّتَانِ فِي الْقَلْبِ أَصْلُ سَعَادَةِ
الْعَبْدِ وَشَقَاوَتِهِ.
وَوُجُودُ الْفِعْلِ
الاِخْتِيَارِيِّ لاَ يَكُونُ إِلاَّ بِوُجُودِ سَبَبِهِ مِنَ الْحُبِّ
وَالإِْرَادَةِ. وَأَمَّا عَدَمُ الْفِعْلِ فَتَارَةً يَكُونُ لِعَدَمِ
مُقْتَضِيهِ وَسَبَبِهِ، وَتَارَةً يَكُونُ لِوُجُودِ الْبُغْضِ وَالْكَرَاهَةِ
الْمَانِعَةِ مِنْهُ، وَهَذَا مُتَعَلِّقُ الأَْمْرِ وَالنَّهْيِ وَهُوَ الَّذِي
يُسَمَّى الْكَفَّ، وَهُوَ مُتَعَلِّقُ الثَّوَابِ وَالْعِقَابِ.
وَبِهَذَا يَزُولُ
الاِشْتِبَاهُ فِي مَسْأَلَةِ التَّرْكِ وَهَلْ هُوَ أَمْرٌ وُجُودِيٌّ أَوْ عَدَمِيٌّ؟
وَالتَّحْقِيقُ أَنَّهُ قِسْمَانِ: فَالتَّرْكُ الْمُضَافُ إِلَى عَدَمِ السَّبَبِ
الْمُقْتَضِي عَدَمِيٌّ، وَالْمُضَافُ إِلَى السَّبَبِ الْمَانِعِ مِنَ الْفِعْلِ
وُجُودِيٌّ.
****
الشرح
هذا كَما ذكَرنا أن الإنسانَ
يُحب أشياءَ من هذه الدنيَا لكِن لا يُقدِّم مَحبتها على مَحبة اللهِ عز وجل ، فيُحب
البيعَ والشرَاء، والمَال، والأَهل، والأولاَد، والأَقارب، وهذه مَحبة طبيعيةٌ
ليستْ محبةَ عِبادة، فإذا شَغلته عن مَحبة اللهِ صَارت مَحبة مَكروهة، ويُخشَى على
صَاحبها من العُقوبة، أما إذا قدَّم مَحبة اللهِ على ما يُحب من أمورِ الدنيَا
فهذا عَلامة الإيمانِ.
***
الصفحة 2 / 375