×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَإِذَا عُرِفَ هَذَا فَتَوَابِعُ كُلِّ نَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ الْمَحَبَّة لَهُ حُكْمُ مَتْبُوعِهِ.

فَالْمَحَبَّة النَّافِعَةُ الْمَحْمُودَةُ - الَّتِي هِيَ عُنْوَانُ سَعَادَةِ الْعَبْدِ - وَتَوَابِعُهَا كُلُّهَا نَافِعَةٌ لَهُ، فَحُكْمُهَا حُكْمُ مَتْبُوعِهَا، فَإِنْبَكَى نَفَعَهُ، وَإِنْ حَزِنَ نَفَعَهُ، وَإِنْ فَرِحَ نَفَعَهُ، وَإِنِ انْقَبَضَ نَفَعَهُ، وَإِنِ انْبَسَطَ نَفَعَهُ، فَهُوَ يَتَقَلَّبُ فِي مَنَازِلِ الْمَحَبَّة وَأَحْكَامِهَا فِي مَزِيدٍ وَرِبْحٍ وَقُوَّةٍ.

وَالْمَحَبَّة الضَّارَّةُ الْمَذْمُومَةُ، تَوَابِعُهَا وَآثَارُهَا كُلُّهَا ضَارَّةٌ لِصَاحِبِهَا، مُبْعِدَةٌ لَهُ مِنْ رَبِّهِ، كَيْفَمَا تَقَلَّبَ فِي آثَارِهَا وَنَزَلَ فِي مَنَازِلِهَا فِي خَسَارَةٍ وَبُعْدٍ.

وَهَذَا شَأْنُ كُلِّ فِعْلٍ تَوَلَّدَ عَنْ طَاعَةٍ وَمَعْصِيَةٍ، فَكُلُّ مَا تَوَلَّدَ مِنَ الطَّاعَةِ فَهُوَ زِيَادَةٌ لِصَاحِبِهَا وَقُرْبَةٌ، وَكُلُّ مَا تَوَلَّدَ عَنِ الْمَعْصِيَةِ فَهُوَ خُسْرَانٌ لِصَاحِبِهِ وَبُعْدٌ، قَالَ تَعَالَى: { مَا كَانَ لِأَهۡلِ ٱلۡمَدِينَةِ وَمَنۡ حَوۡلَهُم مِّنَ ٱلۡأَعۡرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلَا يَرۡغَبُواْ بِأَنفُسِهِمۡ عَن نَّفۡسِهِۦۚ ذَٰلِكَ بِأَنَّهُمۡ لَا يُصِيبُهُمۡ ظَمَأٞ وَلَا نَصَبٞ وَلَا مَخۡمَصَةٞ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلَا يَطَ‍ُٔونَ مَوۡطِئٗا يَغِيظُ ٱلۡكُفَّارَ وَلَا يَنَالُونَ مِنۡ عَدُوّٖ نَّيۡلًا إِلَّا كُتِبَ لَهُم بِهِۦ عَمَلٞ صَٰلِحٌۚ إِنَّ ٱللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجۡرَ ٱلۡمُحۡسِنِينَ ١٢٠وَلَا يُنفِقُونَ نَفَقَةٗ صَغِيرَةٗ وَلَا كَبِيرَةٗ وَلَا يَقۡطَعُونَ وَادِيًا إِلَّا كُتِبَ لَهُمۡ لِيَجۡزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحۡسَنَ مَا كَانُواْ يَعۡمَلُونَ ١٢١ } [التَّوْبَةِ: 120- 121] .

فَأَخْبَرَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِي الآْيَةِ الأُْولَى: أَنَّ الْمُتَوَلِّدَ عَنْ طَاعَتِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ يُكْتَبُ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ، وَأَخْبَرَ فِي الثَّانِيَةِ: أَنَّ أَعْمَالَهُمُ الصَّالِحَةَ الَّتِي بَاشَرُوهَا تُكْتَبُ لَهُمْ أَنْفُسُهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُمَا: أَنَّ الأَْوَّلَ لَيْسَ مِنْ فِعْلِهِمْ، وَإِنَّمَا تَوَلَّدَ عَنْهُ فَكُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ، وَالثَّانِي نَفْسُ أَعْمَالِهِمْ فَكُتِبَ لَهُمْ.


الشرح