هَوْلُ الْمَطْلَعِ، فَقَالَ:
مَا أَنَا بِسَالٍ حَتَّى يَئُوبَ الْقَارِظَانِ، وَلَمْ أَزَلْ مَعَهُ إِلَى أَنْ
طَلَعَ الصُّبْحُ، فَقُلْتُ: قُمْ بِنَاإِلَى مَسْجِدِ الأَْحْزَابِ، فَلَعَلَّ
اللَّهَ أَنْ يَكْشِفَ كُرْبَتَكَ، فَقَالَ: أَرْجُو ذَلِكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ
بِبَرَكَةِ طَاعَتِكَ، فَذَهَبْنَا حَتَّى أَتَيْنَا مَسْجِدَ الأَْحْزَابِ،
فَسَمِعْتُهُ يَقُولُ:
|
يَا لَلرِّجَالِ لِيَوْمِ
الأَْرْبِعَاءِ أَمَا |
|
يَنْفَكُّ يُحْدِثُ لِي بَعْدَ
النُّهَى طَرَبًا |
|
مَا إِنْ يَزَالُ غَزَالٌ مِنْهُ
يَقْتُلُنِي |
|
يَأْتِي إِلَى مَسْجِدِ الأَْحْزَابِ
مُنْتَقِبًا |
|
يُخْبِرُ النَّاسَ أَنَّ الأَْجْرَ
هِمَّتُهُ |
|
وَمَا أَتَى طَالِبًا لِلأَْجْرِ
مُحْتَسِبًا |
|
لَوْ كَانَ يَبْغِي ثَوَابًا مَا
أَتَى صَلَفًا |
|
مُضَمِّخًا بِفَتِيتِ الْمِسْكِ
مُخْتَضِبًا |
ثُمَّ جَلَسْنَا حَتَّى
صَلَّيْنَا الظُّهْرَ، فَإِذَا بِالنِّسْوَةِ قَدْ أَقْبَلْنَ وَلَيْسَتِ
الْجَارِيَةُ فِيهِنَّ، فَوَقَفْنَ عَلَيْهِ، وَقُلْنَ لَهُ: يَا عُتْبَةُ مَا
ظَنُّكَ بِطَالِبَةِ وَصْلِكَ، وَكَاسِفَةِ بَالِكَ؟ قَالَ: وَمَا بَالُهَا،
قُلْنَ: أَخَذَهَا أَبُوهَا وَارْتَحَلَ بِهَا إِلَى أَرْضِ السَّمَاوَةِ،
فَسَأَلْتُهُنَّ عَنِ الْجَارِيَةِ، فَقُلْنَ: هِيَ رَيَّا بِنْتُ الْغِطْرِيفِ
السُّلَمِيِّ، فَرَفَعَ عُتْبَةُ رَأَسَهُ إِلَيْهِنَّ وَقَالَ:
|
خَلِيلِيَّ رَيَّا قَدْ أُجِدَّ
بِكُوْرِهَا |
|
وَسَارَتْ إِلَى أَرْضِ
السَّمَاوَةِ غَيْرُهَا |
|
خَلِيلِيَّ إِنِّي قَدْ عَشِيتُ
مِنَ الْبُكَا |
|
فَهَلْ عِنْدَ غَيْرِي مُقْلَةٌ
أَسْتَعِيرُهَا |
فَقُلْتُ لَهُ: إِنِّي قَدْ وَرَدْتُ بِمَالٍ جَزِيلٍ أُرِيدُ بِهِ أَهْلَ السَّتْرِ، وَوَاللَّهِ لَأَبْذُلَنَّهُ أَمَامَكَ حَتَّى تَبْلُغَ رِضَاكَ وَفَوْقَ الرِّضَا، فَقُمْ بِنَا إِلَى مَسْجِدِ الأَْنْصَارِ، فَقُمْنَا وَسِرْنَا حَتَّى أَشْرَفْنَا عَلَى مَلَأٍ مِنْهُمْ، فَسَلَّمْتُ، فَأَحْسَنُوا الرَّدَّ، فَقُلْتُ: أَيُّهَا الْمَلَأُ، مَا تَقُولُونَ فِي عُتْبَةَ وَأَبِيهِ؟ قَالُوا: مِنْ سَادَاتِ الْعَرَبِ، قُلْتُ: فَإِنَّهُ قَدْ رُمِيَ بِدَاهِيَةٍ مِنَ الْهَوَى وَمَا أُرِيدُ مِنْكُمْ إِلاَّ الْمُسَاعَدَةَ إِلَى السَّمَاوَةِ، فَقَالُوا: سَمْعًا وَطَاعَةً.