فَلْيَتَأَمَّلْ قَتِيلُ
الْمَحَبَّة هَذَا الْفَصْلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ؛ لِيَعْلَمَ مَا لَهُ وَمَا
عَلَيْهِ.
سَيَعْلَمُ يَوْمَ الْعَرْضِ أَيَّ
بِضَاعَةٍ |
|
أَضَاعَ وَعِنْدَ الْوَزْنِ مَا
كَانَ حَصَّلاَ |
****
الشرح
المَحَبَّة لها آثارٌ تَظهرُ
إما مَحمُودة وإما مَذمُومة، لكِن الذِي يَعْنِينَا هو الآثارُ المَحمُودة، وهي
مَحَبَّة اللهِ جل وعلا ، ومَحَبَّة رَسوله صلى الله عليه وسلم ، ومَحَبَّة
عِبادِه المُؤمنين، قالَ اللهُ تبارك وتعالى : {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ
ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ
غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [آل عمران: 31] .
فإذا أحببتَ اللهَ مَحَبَّة
حقيقيةً فإنك تَتَّبِع رسولَه صلى الله عليه وسلم ، أما مَن يَدَّعِي أنه يُحِب اللهَ
ولكِنه لا يَتَّبع رسولَه فهذا كَاذبٌ، كاليهودِ والنَّصارى الذِين قَالوا: {نَحۡنُ
أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ} [المائدة: 18] ، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ بسببِ
مَقالتِهم: { قُلۡ إِن
كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ } [آل عمران: 31] ،
فلمَّا لم يَتَّبِعوا هذا الرسولَ صَارُوا كَاذِبِين في دَعْوَى المَحَبَّة للهِ
عز وجل .
وكذلكَ مَن يَدَّعِي حُبَّ
الرسولِ صلى الله عليه وسلم فعَليه أن يَتَّبِعه.
ولهذا يقولُ الشَّاعِر ([1]) :
تَعْصِي الإِلَهَ
وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ |
|
هَذَا لَعَمْرِي فِي
الفِعَالِ بَدِيعٌ |
لَوْ كَانَ حُبُّكَ
صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ |
|
إِنَّ المُحِبَّ
لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعٌ |
ويقولُ ابنُ القَيِّم رحمه الله في قَصيدته «النُّونِيَّة» ([2]) :