×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

فَلْيَتَأَمَّلْ قَتِيلُ الْمَحَبَّة هَذَا الْفَصْلَ حَقَّ التَّأَمُّلِ؛ لِيَعْلَمَ مَا لَهُ وَمَا عَلَيْهِ.

سَيَعْلَمُ يَوْمَ الْعَرْضِ أَيَّ بِضَاعَةٍ

 

أَضَاعَ وَعِنْدَ الْوَزْنِ مَا كَانَ حَصَّلاَ

****

الشرح

المَحَبَّة لها آثارٌ تَظهرُ إما مَحمُودة وإما مَذمُومة، لكِن الذِي يَعْنِينَا هو الآثارُ المَحمُودة، وهي مَحَبَّة اللهِ جل وعلا ، ومَحَبَّة رَسوله صلى الله عليه وسلم ، ومَحَبَّة عِبادِه المُؤمنين، قالَ اللهُ تبارك وتعالى : {قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ وَيَغۡفِرۡ لَكُمۡ ذُنُوبَكُمۡۚ وَٱللَّهُ غَفُورٞ رَّحِيمٞ} [آل عمران: 31] .

فإذا أحببتَ اللهَ مَحَبَّة حقيقيةً فإنك تَتَّبِع رسولَه صلى الله عليه وسلم ، أما مَن يَدَّعِي أنه يُحِب اللهَ ولكِنه لا يَتَّبع رسولَه فهذا كَاذبٌ، كاليهودِ والنَّصارى الذِين قَالوا: {نَحۡنُ أَبۡنَٰٓؤُاْ ٱللَّهِ وَأَحِبَّٰٓؤُهُۥۚ} [المائدة: 18] ، فأنزلَ اللهُ هذه الآيةَ بسببِ مَقالتِهم: { قُلۡ إِن كُنتُمۡ تُحِبُّونَ ٱللَّهَ فَٱتَّبِعُونِي يُحۡبِبۡكُمُ ٱللَّهُ } [آل عمران: 31] ، فلمَّا لم يَتَّبِعوا هذا الرسولَ صَارُوا كَاذِبِين في دَعْوَى المَحَبَّة للهِ عز وجل .

وكذلكَ مَن يَدَّعِي حُبَّ الرسولِ صلى الله عليه وسلم فعَليه أن يَتَّبِعه.

ولهذا يقولُ الشَّاعِر ([1]) :

تَعْصِي الإِلَهَ وَأَنْتَ تُظْهِرُ حُبَّهُ

 

هَذَا لَعَمْرِي فِي الفِعَالِ بَدِيعٌ

لَوْ كَانَ حُبُّكَ صَادِقًا لَأَطَعْتَهُ

 

إِنَّ المُحِبَّ لِمَنْ يُحِبُّ مُطِيعٌ

ويقولُ ابنُ القَيِّم رحمه الله في قَصيدته «النُّونِيَّة» ([2]) :


الشرح

([1])ينسب البيتان لعبد الله بن المبارك، ينظر: ديوانه (ص: 147، 148).

([2])ينظر: نونية ابن القيم (ص: 221).