أصحابه: هل يخرج
إليهم، أو يبقى في المدينة؟ يقاتلونهم في المدينة من فوق الأسطح والأسوار،
ويتحصنون بها.
ولكن كبار الصحابة
الذين فاتهم حضور غزوة بدر ندموا، واعتبروا أن هذه الغزوة تعويضًا عما فاتهم في
غزوة بدر، فأشاروا على الرسول صلى الله عليه وسلم بالخروج، فنزل صلى الله عليه
وسلم على رغبتهم، وخرج، وكان هذا الرأي -أيضًا- رأي عبد الله بن أبي بن سلول رأس
المنافقين.
فالرسول صلى الله
عليه وسلم استشارهم، فلما أشاروا عليه بالخروج، لبس صلى الله عليه وسلم لأمة الحرب
-لبس الدرع، ولبس المغفر-، واستعد للخروج، ثم قالوا له: لعلنا أكرهناك يا رسول
الله! نرجع للرأي الأول، ونبقى في المدينة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إِنَّهُ
لَيْسَ لِنَبِيٍّ إِذَا لَبِسَ لَأْمَتَهُ أَنْ يَضَعَهُا حَتَّى يُقَاتِلَ» ([1])، فإذا لبس المجاهد
لباس الحرب، فيجب عليه أن يمضي، ولا يتراجع. فامتنع صلى الله عليه وسلم من البقاء
في المدينة؛ لأنه عزم على الخروج، ولبس لباس القتال، فخرج، وحصل ما حصل.
وقوله: «أن الجهاد يلزم بالشروع فيه»؛ لأن لبس لأمة الحرب هذا من الشروع في الجهاد، فلا يتراجع عنه؛ لأن هذا يفرح المشركين. فالرسول صلى الله عليه وسلم شرع فيه، ولبس لباس الجهاد؛ فلا يتراجع. وقد خرج إليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بأصحابه، وانخذل منهم جماعة من المنافقين بقيادة الشقي الخبيث عبد الله بن أبي بن سلول، انخذل بهم في عدد كبير من المنافقين بالمئات، وهذا رحمة من الله عز وجل؛
([1]) أخرجه: النسائي رقم (7600)، وأحمد رقم (14787)، والدارمي رقم (2205).