×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

لأنهم لو بقوا مع المسلمين، لحصل منهم ما حصل من الضرر، وإن بقي منهم مع المسلمين بقايا، ودارت المعركة بعد ما رتب رسول الله صلى الله عليه وسلم أصحابه، وكان خلفهم الجبل -جبل يسمى بجبل الرماة-، واختار صلى الله عليه وسلم جماعة من الرماة الحاذقين في الرمي، بقيادة عبد الله بن جبير - جميعًا-، وصاروا على الجبل؛ ليحموا ظهور المسلمين؛ من أجل أن يتفرغ المسلمون لما أمامهم من الكفار.

دارت المعركة، وانتصر المسلمون في أولها، لما كانوا متمشين على خطة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وانخذل المشركون، ووقع فيهم القتل والأسر، وَأَخْذِ الغنائم، فعند ذلك الرماة الذين على الجبل لم يصمدوا كما أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم بالثبات، بل إنهم ظنوا أن المعركة قد انتهت لصالح المسلمين، فقالوا: ننزل مع إخواننا من أجل جمع الغنائم، وقد ذكرهم قائدهم بما قاله الرسول صلى الله عليه وسلم: «إِنْ رَأَيْتُمُونَا تَخْطَفُنَا الطَّيْرُ فَلاَ تَبْرَحُوا مَكَانَكُمْ، هَذَا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ، وَإِنْ رَأَيْتُمُونَا هَزَمْنَا القَوْمَ وَأَوْطَأْنَاهُمْ، فَلاَ تَبْرَحُوا حَتَّى أُرْسِلَ إِلَيْكُمْ» ولكنهم أصروا، وعصوا قائدهم، ونزلوا، وبقي عبد الله ابن جبير رضي الله عنه ومعه عدد قليل من الرماة، فلما رأى المشركون أن الجبل قد خلا من الرماة، سنحت لهم الفرصة، فجاؤوا من الخلف، واقتحموا الجبل، وانقضوا على المسلمين، والمسلمون لا يشعرون بذلك؛ لأنهم من جهة الجبل آمنون، ولم يدروا ما حصل لهؤلاء الذين تخلوا عن الجبل، انقض المشركون عليهم من خلفهم، فوقع المسلمون بين المشركين من الإمام ومن الخلف، ودارت


الشرح