فَصْل فِي غَزْوَةِ الْفَتْحِ الأَْعْظَمِ
الَّذِي أَعَزَّ
اللهُ بِهِ دِينَهُ وَرَسُولَهُ صلى الله عليه وسلم وَحَرَمَهُ الأَمِينَ،
وَدَخَلَ النَّاسُ بِهِ فِي دِينِ اللهِ أَفْوَاجًا.
*****
قوله: «غزوة الفتح»؛
أي: فتح مكة.
وقوله: «الأعظم»،
هو أعظم الفتوح على وجه الأرض؛ لأنه فتح أم القرى، ومهبط الوحي، والله جل وعلا
قال: ﴿إِذَا جَآءَ نَصۡرُ
ٱللَّهِ وَٱلۡفَتۡحُ ١ وَرَأَيۡتَ
ٱلنَّاسَ يَدۡخُلُونَ فِي دِينِ ٱللَّهِ أَفۡوَاجٗا ٢ فَسَبِّحۡ بِحَمۡدِ رَبِّكَ وَٱسۡتَغۡفِرۡهُۚ إِنَّهُۥ كَانَ تَوَّابَۢا﴾ [النصر: 1- 3].
قوله: ﴿وَٱلۡفَتۡحُ﴾؛ أي: فتح مكة.
لما فتح الله عز وجل
مكة على رسوله صلى الله عليه وسلم، وانكسرت شوكة قريش التي تهابها العرب، وتنظر
إليها، وتتبع قريشًا، فلما انكسرت شوكتها، وسقطت هيبتها، دخل الناس في دين الله
أفواجًا، فجاءت الوفود إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم من جميع الجهات تبايعه
على الإسلام؛ فهو فتح عظيم.
وأما الفتح المذكور
في سورة الفتح بقوله سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّا فَتَحۡنَا لَكَ فَتۡحٗا مُّبِينٗا﴾ [الفتح: 1]، فالمراد
به صلح الحديبية، سماه الله عز وجل فتحًا، وهو مقدمة لفتح مكة؛ لقوله تعالى: ﴿فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ
فَتۡحٗا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 27]. قوله: ﴿فَتۡحٗا قَرِيبًا﴾؛ أي: صلح الحديبية.
انتصر فيه الدين، وانتصر فيه الرسول صلى الله عليه وسلم، وانتصر فيه الحرم؛ تخلص من المشركين والأصنام، التي كانت على الكعبة؛ فهو فتح عظيم.
الصفحة 1 / 537