فصل: ولما انقضت الحرب،
انكفأ المشركون ،
*****
هذه الوقعة العظيمة هي فيها خير للمسلمين، فيها دروس وعظات؛ تبين عدوهم
الذي يزعم أنه منهم -وهو المنافق-، تبين لهم خطأهم، فتابوا، ورجعوا إلى الله جل
وعلا.
تربوا على أن يأخذون
الحذر في المستقبل، ويعدون العدة في المستقبل، فيها دروس عظيمة، ولذلك انصقلوا،
وكان مستقبلهم أحسن من ماضيهم؛ إذ نصر الله عز وجل الإسلام والمسلمين في مشارق
الأرض ومغاربها، ودخل الناس في دين الله أفواجًا، نفس هؤلاء الذين قاتلوا في غزوة
أُحد من المشركين، وآذوا المسلمين أسلم كثيٌر منهم، وحسن إسلامه، وصار من جنود
الإسلام؛ مثل: خالد بن الوليد رضي الله عنه، كان من أبطال المشركين في وقعة أُحد،
بل يقال: إنه هو السبب في أن المشركين جاؤوا من خلف الجبل؛ لأنه هو من أتى ورأى
الثغرة، وهو من المحنكين في الجهاد والقتال، فدل المشركين، وانقضوا على المسلمين.
هذا البطل العظيم قد من الله عليه بالإسلام، فأسلم قبل الفتح، وصار جنديًّا من
جنود الإسلام الفاتحين.
وكذلك أسلم من أسلم
من أهل مكة، وحسن إسلامهم، فزالت هذه المحنة.
ولا يوجد بين وقعة
أُحد وفتح مكة إلا سنون قليلة، فقد كانت غزوة أُحد في السنة الثالثة، وفتح مكة في
السنة الثامنة؛ فلا يوجد بينهم إلا مدة قليلة،
الصفحة 1 / 537