ومنها:
أنه لا يجب الخروج إذا طرق العدو في الديار.
*****
المعركة من جديد،
وحصل للمسلمين ما حصل، واستشهد منهم سبعون شهيدًا، وفر بعض المسلمين، وانكشفوا،
وبقي الرسول صلى الله عليه وسلم ثابتًا، ومعه من معه من المهاجرين، ونادى المسلمين
من خلفهم: ﴿وَٱلرَّسُولُ
يَدۡعُوكُمۡ فِيٓ أُخۡرَىٰكُمۡ﴾ [آل عمران: 153]، ولما سمعوا صوت الرسول صلى الله عليه
وسلم، جاؤوا، ورجعوا مسرعين، والتفوا حول الرسول صلى الله عليه وسلم، وحموه من
الأعداء، فلم يظفر الأعداء باستئصال المسلمين، ولا بقتل الرسول صلى الله عليه وسلم.
انتهت المعركة، ونزل
بالمسلمين ما نزل، وأشد من ذلك أنه أُشيع أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد قتل ([1])، فلما سمعوا أن
الرسول قد قُتِلَ، تضاعفت عليهم المصيبة، وجلسوا ملقين بأيديهم إلى الأرض من
الحزن.
الرسول صلى الله عليه وسلم سَلِم من شرهم، وإن كان أصابه من الجراح ما أصابه ما أصابه صلى الله عليه وسلم، إلا أنه سلم -والحمد لله-، وسلم معه كبار الصحابة والمهاجرين، فعند ذلك حصل ما حصل على المسلمين بسبب هذه المعصية، التي وقعت من بعضهم، والعقوبة بسبب المعاصي إذا نزلت، فإنها تعم الصالح والطالح، فعمت العقوبة المسلمين. إذا حاصر العدو البلد، فلا يلزم المسلمين أن يخرجوا لقتاله، لا يلزم الخروج إليه، بل يجوز أن يقاتلوه في داخل البلد؛ لأنهم أشاروا عليه بذلك، وكاد صلى الله عليه وسلم أن ينزل على هذا الرأي، لولا ما رأى من
([1]) انظر: سيرة ابن إسحاق (ص330)، والروض الأنف (5/325)، والبداية والنهاية (5/399)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/60).