وإنما كان هذا ظن
السوء، والجاهلية؛ لأنه ظن لا يليق بالله وصفاته وأسمائه وحكمته وحمده، وتفرده
بالربوبية والألوهية وصدقه في وعده.
*****
وقال: ﴿وَكُنتُمۡ قَوۡمَۢا بُورٗا﴾؛ أي: هالكين، هذا
هو السبب.
لماذا كان هذا الظن
ظن السوء، وظن الجاهلية؟ لأنه ظن بالله في غير ما يليق بالله: من حكمته، ورحمته،
وتدبيره سبحانه وتعالى.
الله عز وجل وعد
النصر للمؤمنين، فلابد أن يتحقق، وإن تأخر، وإن حال دونه ما يحول، فإنه سيتحقق،
قال سبحانه وتعالى: ﴿وَعۡدَ
ٱللَّهِۖ لَا يُخۡلِفُ ٱللَّهُ وَعۡدَهُۥ وَلَٰكِنَّ أَكۡثَرَ ٱلنَّاسِ لَا
يَعۡلَمُونَ﴾ [الروم: 6].
ولهذا لما صدوا
الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه عن عمرة الحديبية، وصالحهم الرسول صلى الله
عليه وسلم على الرجوع، والعودة من قادم، قال بعض الصحابة لرسول الله: «أَوَلَيْسَ
كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى،
فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ»، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ
آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ([1]).
فحصل ما أخبر الله به، ودخلوا مكة، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا﴾ [الفتح: 27].
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2731).