×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

ولهذا من ظن أنه لا يُتمُّ أمر رسوله، وأنه يُديل الباطل على الحق إدالةً مستقرةً،

*****

كان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد رأى في المنام أنه دخل مكة، وطاف بالبيت، فأخبر أصحابه بذلك وهو بالمدينة، فلما ساروا عام الحديبية، لم يشك جماعة منهم أن هذه الرؤيا تتفسر هذا العام.

فلما وقع ما وقع من قضية الصلح، ورجعوا عامهم ذلك، على أن يعودوا من قابل، وقع في نفوس بعض الصحابة من ذلك شيء، حتى سأل عمر رضي الله عنه في ذلك، فقال له فيها قال: «أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا نَأْتِيهِ العَامَ»، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ([1]).

فأنزل الله عز وجل هذه الآية، قال تعالى: ﴿لَّقَدۡ صَدَقَ ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا قَرِيبًا [الفتح: 27]، فقوله تعالى: ﴿فَتۡحٗا قَرِيبًا؛ أي: صلح الحديبية، وقد سماه الله فتحًا للإسلام والمسلمين.

الله سبحانه وتعالى يديل الباطل على الحق، ولكنها إدالة غير مستقرة، وليست دائمة، فهم يظنون أنها إدالة دائمة ومستقرة، وأن الحق لن يعود، هذا هو ظن المنافقين.


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2731).