ثم ختم الآية
-سبحانه- بقوله: ﴿إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيۡءٖ قَدِيرٞ﴾ [آل عمران: 165]، بعد قوله: ﴿قُلۡ هُوَ مِنۡ عِندِ أَنفُسِكُمۡۗ﴾ [آل
عمران: 165]؛ إعلامًا بعموم قدرته مع عدله .
ففيه إثبات القدر
والسبب، فأضاف السبب إلى نفوسهم، وعموم القدرة إلى نفسه، فالأول: ينفي الجبر،
والثاني: ينفي إبطال القدر .
*****
فقوله تعالى: ﴿وَمَآ أَصَٰبَكُم مِّن
مُّصِيبَةٖ فَبِمَا كَسَبَتۡ أَيۡدِيكُمۡ وَيَعۡفُواْ عَن كَثِيرٖ﴾ [الشورى: 30]؛ أي:
أن كل المصائب لابد لها من سبب، وهو المعصية.
الله عز وجل لا يعجز
عن نصرتكم في غزوة أحد وفي غيرها؛ فهو -سبحانه- على كل شيء قدير، لكن ما أصابكم
إنما هو بسبب فعلكم، وإلا فإن الله قادر على أن ينصركم.
عموم قدرته على كل
شيء: على النعم، وعلى المصائب، مع عدله في العقوبة، وفضله بالحسنة.
أضاف القدر إلى نفسه
سبحانه وتعالى، بينما أضاف السبب إلى العبد.
قال الله جل وعلا: ﴿مَّآ أَصَابَكَ مِنۡ
حَسَنَةٖ فَمِنَ ٱللَّهِۖ وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ﴾، فقوله: ﴿وَمَآ أَصَابَكَ مِن سَيِّئَةٖ فَمِن نَّفۡسِكَۚ﴾؛ أي: بسبب نفسك، وهي مقدرة من الله جل وعلا؛ عقوبة.
لأن القدرية على
قسمين:
النوع الأول: قدرية جبرية: يسلبون العبد الفعل والاختيار، ويقولون: إنه مجبر، ولا اختيار له، وإنما هو يحرك كما تحرك الريشة في الهواء؛