فهو مُشاكل قوله:
﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ ٢٨ وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾
[التكوير: 28- 29].
*****
فهم يغلون في إثبات
القدر، وينفون السبب، وينفون فعل العبد.
النوع الثاني: القدرية النفاة -
وهم المعتزلة-: وهم على العكس؛ فهم يغلون في إثبات فعل العبد، وينفون القدر.
فهم على طرفي نقيض،
فالآية رد على الجميع: على القدرية الغلاة، وعلى القدرية النفاة.
قوله: «فالأول ينفي
الجبر»، وهم الذين يقولون: إن العبد ليس له إرادة، وليس له مشيئة، وإنما هو
يحرك بغير اختياره؛ فهم غلوا في إثبات القدر، وسلبوا قدرة العبد، وسلبوا الأسباب،
نفوها، وهذا مذهب الجبرية، وهو مذهب باطل.
وقوله: «والثاني: ينفي
إبطال القدر»، وهم القدرية المعتزلة، الذين على العكس؛ فقد غلوا في إثبات فعل
العبد وإثبات الأسباب، ونفوا القدر.
هذه الآية تشبه آية
سورة التكوير، وهي قوله تعالى: ﴿لِمَن شَآءَ مِنكُمۡ أَن يَسۡتَقِيمَ﴾ [التكوير: 28]، في
هذه الآية أثبت سبحانه وتعالى المشيئة والاختيار للعبد، وهذا فيه رد على الجبرية.
وقوله سبحانه وتعالى في الآية الأخرى: ﴿وَمَا تَشَآءُونَ إِلَّآ أَن يَشَآءَ ٱللَّهُ رَبُّ ٱلۡعَٰلَمِينَ﴾ [التكوير: 29]، هذا فيه رد مشيئة العبد إلى مشيئة الله عز وجل، وأنها داخلة في مشيئة الله جل وعلا، وفي هذا رد على القدرية النفاة.