فأمر الرسول صلى
الله عليه وسلم أصحابه، قال: «لاَ يُصَلِّيَنَّ أَحَدٌ العَصْرَ إِلاَّ فِي
بَنِي قُرَيْظَةَ» ([1])، فخرجوا غازين بني
قريظة، وحاصروهم، وفي النهاية استسلموا لحكم الله عز وجل؛ فقد قتلت مقاتلتهم،
وسبيت نساؤهم وذراريهم؛ نتيجة الخيانة -والعياذ بالله-.
والمنافقون أخزاهم
الله، وحصلت عليهم الذلة -والعياذ بالله-، ونصر الله المسلمين.
وقد ذكر في سبب تخاذل المشركين - أيضًا قبل أن تحصل الريح - أن رجلاً من غطفان اسمه نعيم بن مسعود رضي الله عنه أسلم، وكان رجلاً داعية محنكًا، جاء إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وقال له: «يا رسول الله، إنّي قَدْ أَسْلَمْت، وَإِنّ قَوْمِي لَمْ يَعْلَمُوا بِإِسْلاَمِي، فَمُرْنِي بِمَا شِئْت؛ فَقَالَ رَسُولُ اللّهِ صلى الله عليه وسلم: «إنّمَا أَنْت فِينَا رَجُلٌ وَاحِدٌ، فَخَذّلْ عَنّا إنْ اسْتَطَعْت، فَإِنّ الْحَرْبَ خُدْعَةٌ» فَخَرَجَ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ حَتّى أَتَى بَنِي قُرَيْظَةَ، وَكَانَ لَهُمْ نَدِيمًا فِي الْجَاهِلِيّةِ فَقَالَ يَا بَنِي قُرَيْظَةَ قَدْ عَرَفْتُمْ وُدّي إيّاكُمْ وَخَاصّةً مَا بَيْنِي وَبَيْنَكُمْ قَالُوا: صَدَقْت، لَسْت عِنْدَنَا بِمُتّهَمٍ فَقَالَ لَهُمْ إنّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ لَيْسُوا كَأَنْتُمْ الْبَلَدُ بَلَدُكُمْ فِيهِ أَمْوَالُكُمْ وَأَبْنَاؤُكُمْ وَنِسَاؤُكُمْ لاَ تَقْدِرُونَ عَلَى أَنْ تَحَوّلُوا مِنْهُ إلَى غَيْرِهِ وَإِنّ قُرَيْشًا وَغَطَفَانَ قَدْ جَاءُوا لِحَرْبِ مُحَمّدٍ وَأَصْحَابِهِ وَقَدْ ظَاهَرْتُمُوهُمْ عَلَيْهِ وَبَلَدُهُمْ وَأَمْوَالُهُمْ وَنِسَاؤُهُمْ بِغَيْرِهِ فَلَيْسُوا كَأَنْتُمْ فَإِنْ رَأَوْا نُهْزَةً أَصَابُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ لَحِقُوا بِبِلاَدِهِمْ وَخَلّوْا بَيْنَكُمْ خَلاَ بِكُمْ فَلاَ تُقَاتِلُوا مَعَ الْقَوْمِ حَتّى تَأْخُذُوا مِنْهُمْ
([1]) أخرجه: البخاري رقم (946).