ذَلِكَ بِاَلّذِينَ نُقَاتِلُ مَعَكُمْ
مُحَمّدًا حَتّى تُعْطُونَا رَهْنًا مِنْ رِجَالِكُمْ يَكُونُونَ بِأَيْدِينَا
ثِقَةً لَنَا حَتّى نُنَاجِزَ مُحَمّدًا، فَإِنّا نَخْشَى إنّ ضَرّسَتْكُمْ
الْحَرْبُ وَاشْتَدّ عَلَيْكُمْ الْقِتَالُ أَنْ تَنْشَمِرُوا إلَى بِلاَدِكُمْ
وَتَتْرُكُونَا، وَالرّجُلَ فِي بَلَدِنَا، وَلاَ طَاقَةَ لَنَا بِذَلِكَ مِنْهُ.
قَالَتْ بَنُو قُرَيْظَةَ، قَالَتْ قُرَيْشٌ وَغَطَفَانُ: وَاَللّهِ إنّ الّذِي
حَدّثَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقّ، فَأَرْسِلُوا بَنِي قُرَيْظَةَ إنّا
وَاَللّهِ لاَ نَدْفَعُ إلَيْكُمْ رَجُلاً وَاحِدًا مِنْ رِجَالِنَا، فَإِنْ
كُنْتُمْ تُرِيدُونَ الْقِتَالَ فَاخْرُجُوا فَقَاتِلُوا؛ فَقَالَتْ بَنُو
قُرَيْظَةَ، حِينَ انْتَهَتْ الرّسُلُ إلَيْهِمْ بِهَذَا: إنّ الّذِي ذَكَرَ
لَكُمْ نُعَيْمُ بْنُ مَسْعُودٍ لَحَقّ، مَا يُرِيدُ الْقَوْمُ إلاّ أَنْ
يُقَاتِلُوا، فَإِنْ رَأَوْا فُرْصَةً انْتَهَزُوهَا، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ
انْشَمَرُوا إلَى بِلاَدِهِمْ. وَخَلّوْا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ الرّجُلِ فِي
بَلَدِكُمْ فَأَرْسِلُوا إلَى قُرَيْشٍ وَغَطَفَانَ: إنّا وَاَللّهِ لاَ نُقَاتِلُ
مَعَكُمْ مُحَمّدًا حَتّى تُعْطُونَا رَهْنًا؛ فَأَبَوْا عَلَيْهِمْ وَخَذّلَ
اللّهُ بَيْنَهُمْ وَبَعَثَ اللّهُ عَلَيْهِمْ الرّيحَ فِي لَيَالٍ شَاتِيَةٍ
بَارِدَةٍ شَدِيدَةِ الْبَرْدِ فَجَعَلَتْ تَكْفَأُ قُدُورَهُمْ وَتَطْرَحُ أَبْنِيَتَهُمْ»
([1]).
فعند ذلك انفل ما
بين اليهود وبين المشركين، فكان هذا أول النصر.
لما تأزمت الأمور -أيضًا- «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عُيينة بن حصنٍ والحارث بن عوفٍ، وهُما قائدا غطفان، فأعطاهما ثلث ثمار المدينة على أن يرجعا ومن معهما عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه؛ فجرى بينه وبينهم الصلح، حتى كتبوا الكتاب، ولم تقع الشهادة ولا عزيمة
([1]) انظر: سيرة بن هشام (2/229)، والروض الأنف(6/218)، والسيرة النبوية لابن كثير (3/217).