الصلح إلا المراوضة، وفي ذلك ففعلا. فلما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفعل، بعث إلى سعد بن عُبادة، وسعد بن معاذٍ، وذكر ذلك لهما، واستشارهما فيه، فقالا: يا رسول الله، أم تحته فنصنعه، أو شيء أمرك الله به لا بُد لنا من عملٍ به، أم شيء تصنعه لنا؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «لا بل لكم والله ما أصنع ذلك، إلا أني رأيت العرب قد رمتكم عن قوسٍ واحدةٍ، وكالبوكم من كل جانبٍ؛ فأردت أن أ zسر عنكم شوكتهم. فقال سعد بن معاذٍ: يا رسول الله، قد كنا نحن وهؤلاء القوم على الشرك بالله وعبادة الأوثان، لا نعبد الله ولا نعرفه، وهم لا يطمعون أن يأكلوا منها ثمرة إلا قرًى أو شراءً، فحين أكرمنا الله بالإسلام، وهدانا له، وأعزنا بك، نعطيهم أموالنا، مالنا بها حاجةٌ، فو الله لا نعطيهم إلا السيف حتى يحكم الله بيننا وبينهم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأنت وذاك. فتناول سعد الصحيفة فمحاها، ثم قال: ليجهدوا علينا» ([1]).
([1]) أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (3/430- 431)، وفي معرفة السنن والآثار (13/412)، وذكره ابن هشام في سيرته (2/223)، وابن حزم في جوامع السيرة (1 / 149-150).