×
تعليقات على مختصر زاد المعاد الجزء الثالث

وتصالحوا - أيضًا وهذه أشد على المسلمين - على أن من جاء مسلمًا من المشركين، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم يرده إليهم، وأن من ذهب من المسلمين إلى المشركين، لا يردونه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم.

التزم الرسول صلى الله عليه وسلم بذلك، وشق هذا على أصحابه مشقة عظيمة، ولكن الله جل وعلا ثبت رسوله صلى الله عليه وسلم؛ لأن هذا من صالح المسلمين، من صالح الإسلام، فصار من جاء من المشركين تائبًا، يرد على المشركين، ومن ذهب من المسلمين إلى الكفار، لا يرد: «...فَاشْتَرَطُوا عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنْ مَنْ جَاءَ مِنْكُمْ لَمْ نَرُدَّهُ عَلَيْكُمْ، وَمَنْ جَاءَكُمْ مِنَّا رَدَدْتُمُوهُ عَلَيْنَا، فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللهِ، أَنَكْتُبُ هَذَا؟ قَالَ: «نَعَمْ، إِنَّهُ مَنْ ذَهَبَ مِنَّا إِلَيْهِمْ فَأَبْعَدَهُ اللهُ، وَمَنْ جَاءَنَا مِنْهُمْ سَيَجْعَلُ اللهُ لَهُ فَرَجًا وَمَخْرَجًا» ([1]).

وكان كذلك، وبموجب الصلح - وَضْع الحربِ - أسلم أناسٌ من أهل مكة من أفذاذهم؛ مثل: خالد بن الوليد، وعمرو بن العاص، وغيرهم، صار الذي يسلم لا يمنع، ولا يؤذى، ولا يضر، ولا شيء.

وأيضا انفتحت الهجرة؛ صار لا يمنع المهاجر مثلما كان قبل الصلح، فحصل بهذا الفتح مصالح عظيمة، خفيت على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى عمر بن الخطاب رضي الله عنه أصابه من هذا الصلح كربٌ عظيم، وحتى إنهم قالوا للرسول صلى الله عليه وسلم: أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ ؟»، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم رأى رؤيا، رأى أنه سيدخل


الشرح

([1])  أخرجه: البخاري رقم (2731)، ومسلم رقم (1784).