مكة هو وأصحابه
معتمرين آمنين لا يخافون، قالوا: «أَوَلَيْسَ كُنْتَ تُحَدِّثُنَا أَنَّا
سَنَأْتِي البَيْتَ فَنَطُوفُ بِهِ؟ قَالَ: «بَلَى، فَأَخْبَرْتُكَ أَنَّا
نَأْتِيهِ العَامَ»، قَالَ: قُلْتُ: لاَ، قَالَ: «فَإِنَّكَ آتِيهِ
وَمُطَّوِّفٌ بِهِ» ([1])، فأنزل الله جل
وعلا: ﴿لَّقَدۡ صَدَقَ
ٱللَّهُ رَسُولَهُ ٱلرُّءۡيَا بِٱلۡحَقِّۖ لَتَدۡخُلُنَّ ٱلۡمَسۡجِدَ ٱلۡحَرَامَ
إِن شَآءَ ٱللَّهُ ءَامِنِينَ مُحَلِّقِينَ رُءُوسَكُمۡ وَمُقَصِّرِينَ لَا
تَخَافُونَۖ فَعَلِمَ مَا لَمۡ تَعۡلَمُواْ فَجَعَلَ مِن دُونِ ذَٰلِكَ فَتۡحٗا
قَرِيبًا﴾ [الفتح: 27].
فقوله تعالى: ﴿فَتۡحٗا قَرِيبًا﴾، الذي هو صلح
الحديبية، سماه الله عز وجل فتحًا للمسلمين، فهذه حكم عظيمة في هذا الصلح، في صلح
الحديبية.
وقد سمي صلح
الحديبية؛ لأنه وقع في مكان يسمى الحديبية، على حدود الحرم من جهة الغرب الشمالي
من مكة، يسمى الآن بالشميسي.
قوله رحمه الله: «على
وضع الحرب عشر سنين»؛ أي: لا يقوم بين المسلمين وبين المشركين حرب مدة عشر سنين،
لكن المشركين نقضوا العهد؛ كما سيأتي في غزوة الفتح.
قوله رحمه الله: «وأن
يرجع عنهم عامهُ ذلك»؛ لا يعتمر فيه، وهذا مما شق على المسلمين -أيضًا-، ولكن الله
جل وعلا جعل فيه الخير الكثير.
والله جل وعلا يقول: ﴿وَعَسَىٰٓ أَن تَكۡرَهُواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ خَيۡرٞ لَّكُمۡۖ وَعَسَىٰٓ أَن تُحِبُّواْ شَيۡٔٗا وَهُوَ شَرّٞ لَّكُمۡۚ وَٱللَّهُ يَعۡلَمُ وَأَنتُمۡ لَا تَعۡلَمُونَ﴾ [البقرة: 216]؛ أي: وعسى أن تكرهوا شيئًا، ويجعل الله فيه خيرًا كثيرًا.
([1]) أخرجه: البخاري رقم (2731).