وَمَا أُحِبُّ
أَنَّ لِي بِهَا مَشْهَدَ بَدْرٍ، وَإِنْ كَانَتْ بَدْرٌ، أَذْكَرَ فِي النَّاسِ
مِنْهَا، كَانَ مِنْ خَبَرِي: أَنِّي لَمْ أَكُنْ قَطُّ أَقْوَى وَلاَ أَيْسَرَ
حِينَ تَخَلَّفْتُ عَنْهُ، فِي تِلْكَ الغَزَاةِ، وَاللَّهِ مَا اجْتَمَعَتْ
عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ، جَمَعْتُهُمَا فِي تِلْكَ الغَزْوَةِ،
وَلَمْ يَكُنْ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُرِيدُ غَزْوَةً إِلاَّ وَرَّى
بِغَيْرِهَا، حَتَّى كَانَتْ تِلْكَ الغَزْوَةُ، غَزَاهَا رَسُولُ اللَّهِ صلى
الله عليه وسلم فِي حَرٍّ شَدِيدٍ، وَاسْتَقْبَلَ سَفَرًا بَعِيدًا، وَمَفَازًا
وَعَدُوًّا كَثِيرًا، فَجَلَّى لِلْمُسْلِمِينَ أَمْرَهُمْ؛
*****
أي: أن بيعة العقبة
عظيمة، وفيها من نصرة الإسلام وفيها أكثر مما في بدر، ولكن الشهرة صارت لغزوة بدر.
قوله: «كَانَ مِنْ
خَبَرِي»؛ أي: في غزوة تبوك.
قوله: «وَاللَّهِ مَا
اجْتَمَعَتْ عِنْدِي قَبْلَهُ رَاحِلَتَانِ قَطُّ»، هذا الصدق.
في الغزوات كان صلى الله عليه وسلم يوري بغيرها، إلا هذه الغزوة؛ فإنه صرح بها؛ لأنها ذات شأن، ليست مثل الغزوات؛ وقت الحر، ومطيب الثمار، والمسافة بعيدة، والعدو شديد، وهم الروم، ولذلك صرح بها الرسول صلى الله عليه وسلم، وأخبر أصحابه بالوجهة التي يريدها؛ حتى يكونوا على بصيرة من أمرهم، وحتى لا يخرج إلا أهل الصدق والإيمان.