وَلَقَدْ
شَهِدْتُ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ العَقَبَةِ، حِينَ
تَوَاثَقْنَا عَلَى الإِسْلاَمِ،
*****
أهل مكة بقَضِّهم
وقضيضهم - أي: عن بكرة أبيهم - يريدون حماية عيرهم.
ثم لما بلغهم أن
العير سلمت، تلاوموا بينهم، بعضهم رأى الرجوع، وبعضهم قال: لا.
قال أبو جهل: «وَاللهِ
لاَ نَرْجِعُ حَتَّى نَأتِيَ بَدْرًا - وَكَانَتْ بَدْرٌ سُوقًا مِنْ أَسْوَاقِ
الْعَرَبِ - فَنُقِيمَ بِهَا ثَلاَثا، فَنُطْعِمَ بِهَا الطَّعَامَ، وَنَنْحَرَ
بِهَا الْجُزُرَ، وَنَسْقِيَ بِهَا الْخَمْرَ، وَتَعْزِفَ عَلَيْنَا الْقِيَانُ
وَتَسْمَعَ بِنَا الْعَرَبُ وَبِمَسِيرِنَا، فلاَ يَزَالُونَ يَهَابُونَنَا
بَعْدَهَا أَبَدًا» ([1]).
لأن الله عز وجل
أراد ذلك، فخرجوا إلى أن وصلوا إلى بدر، وما شعروا أن محمدًا صلى الله عليه وسلم
وأصحابه وصلوا، حتى توافوا من غير ميعاد. قال تعالى: ﴿إِذۡ أَنتُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلدُّنۡيَا وَهُم بِٱلۡعُدۡوَةِ ٱلۡقُصۡوَىٰ
وَٱلرَّكۡبُ أَسۡفَلَ مِنكُمۡۚ وَلَوۡ تَوَاعَدتُّمۡ لَٱخۡتَلَفۡتُمۡ فِي
ٱلۡمِيعَٰدِ وَلَٰكِن لِّيَقۡضِيَ ٱللَّهُ أَمۡرٗا كَانَ مَفۡعُولٗا﴾ [الأنفال: 42].
ليلة العقبة هي الليلة التي بايع فيها الأنصار رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن يهاجر إليهم، وينصروه، والعقبة هي عند جمرة العقبة، في شعب من وراء جمرة العقبة، اجتمعوا فيه مع الرسول صلى الله عليه وسلم، وبايعوه على النصرة، وأن يهاجر إليهم.
([1]) أخرجه: البيهقي في دلائل النبوة (3/13).