فصل في حجة أبي بكر الصديق رضي الله عنه سنة تسع بعد مقدمه من تبوك،
*****
قوله: «سنة تسع بعد
مقدمه من تبوك»؛ بعد مقدم النبي صلى الله عليه وسلم من تبوك ([1]).
بعدما رجع النبي صلى
الله عليه وسلم من غزوة تبوك في آخر شهر رمضان، فأقام شهر شوال وذي القعدة، ثم دخل
شهر ذي الحجة.
وكان الله عز وجل قد
فرض الحج بقوله تعالى: ﴿وَلِلَّهِ
عَلَى ٱلنَّاسِ حِجُّ ٱلۡبَيۡتِ مَنِ ٱسۡتَطَاعَ إِلَيۡهِ سَبِيلٗاۚ﴾ [آل عمران: 97].
والنبي صلى الله
عليه وسلم جعل الحج من أركان الإسلام الخمسة، وهو آخر الأركان، والحج يكون على
الفور لمن استطاع، يجب عليه الفورية، لا يتأخر.
فكان الواقع أن الرسول صلى الله عليه وسلم يحج في هذه السنة -السنة التاسعة-، ولكن منعه من ذلك وجود المشركين في مكة، وهم يطوفون بالبيت، ويطوفون وهم عراة ([2])، إذا لم يجدوا ثيابًا يحرمون بها غير ثيابهم التي كانت عليهم، أو أنهم لم يجدوا من يعيرهم من أهل مكة ملابس إحرام؛ لأنهم يقولون: لا نطوف في ثياب عصينا الله فيها، فيلقونها عنهم، يقول لهم الشيطان: لا نحرم بثياب عصينا الله فيها. فإذا لم يجدوا ثيابًا غيرها، ولم يجدوا من يعيرهم من أهل مكة، فإنهم يطوفون
الصفحة 1 / 537