فانظر قول الصادق
المصدوق صلى الله عليه وسلم: «حُفَّتِ الْجَنَّةُ بِالْمَكَارِهِ، وَحُفَّتِ النَّارُ
بِالشَّهَوَاتِ» ([1]).
وفي هذا المقام
تفاوتت عقول الخلائق، وظهرت حقائق الرجال .
*****
فالمسلم يصبر على
مرارة الدنيا؛ لأجل حلاوة الآخرة، وأما الكافر، فهو يفرح بحلاوة الدنيا، ولكن له
العذاب في الآخرة، فرق بين هذا وهذا.
«حُفَّتِ الْجَنَّةُ
بِالْمَكَارِهِ»: الجهاد في سبيل الله، التعرض للقتل والجراح، الصيام، وفطم النفس عن
الشهوات، صلاة الليل، وترك النوم والفرش الوثيرة، فهذه مشاق على العبد، لكن يصبر
عليها، وإن كان يكرهها بطبعه، لكن يصبر عليها؛ لأنها تعقب لذة في الآخرة، وأما
النار، فعلى العكس محفوفة بالشهوات؛ بالزنا، وشرب الخمر، والسرقة، والشهوات
المحرمة، هذه تورد النار، وأما المكاره على طاعة الله، فهي تورد الجنة.
في هذه الحقائق التي
ذكرها تميز الرجال بعضهم عن بعض؛ الرجال الصابرون المحتسبون، والجزعون والمتسخطون،
فهذه نتيجة الابتلاء والامتحان.
*****
([1]) أخرجه: مسلم رقم (2822).
الصفحة 12 / 537