فأمطرت حتى
ارتووا. ثم مضى، فَجَعَلَ يَتَخَلَّفُ الرَّجُلُ فَيَقُولُونَ: تَخَلَّفَ فُلاَنٌ،
فَيَقُولُ: «دَعُوهُ، إِنْ يَكُ فِيهِ خَيْرٌ فَسَيُلْحِقُهُ اللَّهُ بِكُمْ، وَإِنْ
يَكُ غَيْرَ ذَلِكَ فَقَدْ أَرَاحَكُمُ اللَّهُ مِنْهُ» ([1]).
وتلوَّم على أبي
ذرٍّ بعيره، فأخذ متاعه على ظهره، فلما نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض
منازله، قال رجل: يا رسول الله، هذا رجل يمشي على الطريق وحده، فلما تأملوه،
قالوا: يا رسول الله، أبو ذرٍّ، فقال صلى الله عليه وسلم: «رَحِمَ اللَّهُ أَبَا ذَرٍّ
يَمْشِي وَحْدَهُ، وَيَمُوتُ وَحْدَهُ، وَيُبْعَثُ وَحْدَهُ» ([2]).
*****
قوله: «تَلَوَّمَ»؛ أي: عجز
البعير، أبو ذر رضي الله عنه جاء على البعير يريد أن يلحق بالرسول صلى الله عليه
وسلم، فعجز البعير؛ من الهزال والضعف وطول الطريق، فحمل متاعه على ظهره، ولحق
بالرسول صلى الله عليه وسلم.
أبو ذر رضي الله عنه يمشي وحده في هذا الطريق، ويموت وحده؛ لأنه مات في الربذة وحده -كما يأتي-، ويبعث يوم القيامة وحده من قبره، لا يوجد حوله أحد.
([1]) أخرجه: الحاكم (3/25)، والبيهقي في دلائل النبوة (5/297).