وقال صلى الله عليه
وسلم : «مَنْ حَلِفَ بِغَيْرِ اللهِ
فَقَدْ أَشْرَكَ»، و«مَنْ كَانَ
حالفاً فَلْيَحْلِفْ باللهِ أَوْ لِيَصْمُتْ» ([1])، والحَلِفُ تعظيمٌ
للمحلوفِ، فلا يُعظَّمُ إِلاَّ اللهُ عز وجل .
وقولُه: «فكيفَ بمَن يقول: أَنَا مُتوكِّلٌ على اللهِ
وعليك»، فلا تأْتي بالوَاوِ لأَنَّ الوَاوَ للتَّشْرِيك والمساواةِ، لكنْ
تأْتي بـ «ثمَّ»؛ لأَنَّها تُفِيْدُ
التَّرْتيبَ والتَّعْقيبَ، فتقول: أَنَا مُتَوَكِّلٌ على اللهِ ثمَّ عليك، لولا
اللهُ ثمَّ أَنْتَ، ما شاءَ الله ثمَّ شِئْتَ.
ولمَّا سَمِعَ الرَّسُولُ
صلى الله عليه وسلم الرَّجُلَ الَّذِي قَالَ لَهُ: «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْتَ»، قال: «أَجَعَلْتَنِي للهِ نِدًّا؟» يعني: شريكاً.
وهناك أَلْفاظٌ أَفْحشُ من
هذه التي قال فيها النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم هذه المقالةُ، فإِذَا كان لا
يُقال للرَّسُولِ: «مَا شَاءَ اللهُ وشِئْتُ»،
فكيفَ يُقال لغير الرَّسُولِ: ما شاءَ اللهُ وشِئْتَ؟! هذه أَشدُّ.
والرَّسُولُ «مَا شَاءَ اللهُ وَشِئْت َ» وَلِيٌّ
لرَبِّ العالمين، وقد تُقال هذه المقالةُ وأَكْثرُ منها لمَن هو عَدُوٌّ لربِّ
العالمين، فتكون نكارتُها أَوْضَحَ، وحُكْمُهَا أَشدُّ.
وقولُه: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَتُوبُ إِلَيْكَ ولاَ
أَتُوبُ إِلَى مُحَمَّدٍ»؛ لأَنَّ التوبةَ والاستغفارَ نوعٌ من العبادة لا
تصلح إِلاَّ الله عز وجل ، فلا يصلح أَنْ يُعْبَدَ غيرُ الله بأَيِّ نوعٍ من
أَنْواعِ العبادة.
وقد أَقَرَّهُ الرَّسُولُ
صلى الله عليه وسلم على مقالتِه هذه، وقال: «عَرِّفِ
الحَقَّ لأَهْلِهِ»؛ لأَنَّ التَّوبةَ حقٌّ للهِ عز وجل ، لا يجوز أَنْ يُتَوَجَّهَ
بِها إِلَى غيرِه.
***
([1])أخرجه: البخاري رقم (2679)، ومسلم رقم (1646).
الصفحة 4 / 375