وَاحْتَجَّ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ
الأَْشْعَرِيُّ فِي كُتُبِهِ عَلَى الْمُعَطِّلَةِ بِهَذِهِ الآْيَةِ، وَلَقَدْ
ذَكَرْنَا لَفْظَهُ فِي غَيْرِ هَذَا الْكِتَابِ.
وَالْقَوْلُ عَلَى اللَّهِ
بِلاَ عِلْمٍ وَالشِّرْكُ مُتَلاَزِمَانِ.
****
الشرح
القولُ على اللهِ بلا عِلْمٍ
أَشَدُّ من الشِّرْك؛ لأَنَّ اللهَ جَعَلَهُ فوقَ الشِّرْكِ في قوله تعالى: {قُلۡ
إِنَّمَا حَرَّمَ رَبِّيَ ٱلۡفَوَٰحِشَ مَا ظَهَرَ مِنۡهَا وَمَا بَطَنَ وَٱلۡإِثۡمَ
وَٱلۡبَغۡيَ بِغَيۡرِ ٱلۡحَقِّ وَأَن تُشۡرِكُواْ بِٱللَّهِ مَا لَمۡ يُنَزِّلۡ
بِهِۦ سُلۡطَٰنٗا وَأَن تَقُولُواْ عَلَى ٱللَّهِ مَا لَا تَعۡلَمُونَ} [الأعراف: 33] ،
فالشِّرْكُ يدخل في القول على اللهِ بغير علمٍ، والمُشْرِكُ تقول على اللهِ بغيرِ
علمٍ.
وقولُه: «فإِنْ صَدَرَ ذلك عن عِلْمٍ فهو عِنَادٌ
أَقْبَحُ مِن الشِّرْكِ»، ما أَسْهَل القولَ على اللهِ الآن بغير علمٍ عند
كثيرٍ من النَّاس؛ بالتَّحْليلِ والتَّحْريمِ، والفَتْوَى، وهو أَشَدُّ من
الشِّرْك، وعبادةِ غيرِ الله، ونَفْيِ الأَسْماءِ والصِّفاتِ؛ لأَنَّ كلَّ هذا
قولٌ على اللهِ بغيرِ عِلْمٍ.
وقولُه: «فإِنَّ المُشْرِكَ المُقِرَّ بصفاتِ
الرَّبِّ خيرٌ من المُعطِّلِ الجاحدِ لصفاتِ كمالِه»، يعني: نُفاةَ الأَسْماءِ
والصِّفاتِ أَعْظمُ جُرْماً من المشركين من وجهٍ؛ لأَنَّ المُشْرِكَ يزعم أَنَّه
يتقرَّب إِلَى الله، وأَنَّ اللهَ لا يُوصِّلُ إِلَيْهِ إِلاَّ بواسطةٍ، فهذا من
تعظيمِ اللهِ في نفسِه، بخلافِ المُعطِّلِ فإِنَّه اسْتَهَانَ باللهِ، ونفى عنه
الأَسْماءَ والصِّفاتِ وتَنَقُّصُهُ، فهو أَشَرُّ من المُشْرِكِ.
وقولُه: «فَدَاءُ التَّعْطيل هذا الدَّاءُ العُضَالُ الذي لا دَوَاءَ له»، فهذا فِرْعَونُ إِمَامُ المُعطِّلة كان يُوهِمُ النَّاسَ بأَنَّه ربُّهم الأَعْلَى،