×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَمَعْلُومٌ أَنَّ ثَوَابَ فَاعِلِ هَذِهِ الأَْشْيَاءَ لَمْ يَبْلُغْ ثَوَابَ الْمُشَبَّهِ بِهِ، فَيَكُونُ قَدْرُهُمَا سَوَاءً، وَلَوْ كَانَ قَدْرُ الثَّوَابِ سَوَاءً لَمْ يَكُنْ - لِمُصَلِّي الْعِشَاءِ وَالْفَجْرِ جَمَاعَةً - فِي قِيَامِ اللَّيْلِ مَنْفَعَةٌ غَيْرُ التَّعَبِ وَالنَّصَبِ.

وَمَا أُوتِيَ أَحَدٌ - بَعْدَ الإِْيمَانِ - أَفْضَلَ مِنَ الْفَهْمِ عَنِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، صلى الله عليه وسلم . وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.

فَإِنْ قِيلَ: فَفِي أَيِّ شَيْءٍ وَقَعَ التَّشْبِيهُ بَيْنَ قَاتِلِ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَقَاتِلِ النَّاسِ جَمِيعًا؟قِيلَ: فِي وُجُوهٍ مُتَعَدِّدَةٍ:

أَحَدُهَا: أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا عَاصٍ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم مُخَالِفٌ لأَِمْرِهِ، مُتَعَرِّضٌ لِعُقُوبَتِهِ، وَكُلٌّ مِنْهُمَا قَدْ بَاءَ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ وَلَعْنَتِهِ، وَاسْتِحْقَاقِ الْخُلُودِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ، وَإِعْدَادِهِ عَذَابًا عَظِيمًا، وَإِنَّمَا التَّفَاوُتُ فِي دَرَجَاتِ الْعَذَابِ، فَلَيْسَ إِثْمُ مَنْ قَتَلَ نَبِيًّا أَوْ إِمَامًا عَادِلاً أَوْ عَالِمًا يَأْمُرُ النَّاسَ بِالْقِسْطِ، كَإِثْمِ مَنْ قَتَلَ مَنْ لاَ مَزِيَّةَ لَهُ مِنْ آحَادِ النَّاسِ.

الثَّانِي: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي اسْتِحْقَاقِ إِزْهَاقِ النَّفْسِ.

الثَّالِثُ: أَنَّهُمَا سَوَاءٌ فِي الْجَرَاءَةِ عَلَى سَفْكِ الدَّمِ الْحَرَامِ، فَإِنَّ مَنْ قَتَلَ نَفْسًا بِغَيْرِ اسْتِحْقَاقٍ، بَلْ لِمُجَرَّدِ الْفَسَادِ فِي الأَْرْضِ، أَوْ لأَِخْذِ مَالِهِ: فَإِنَّهُ يَجْتَرِئُ عَلَى قَتْلِ كُلِّ مَنْ ظَفَرَ بِهِ وَأَمْكَنَهُ قَتْلُهُ، فَهُوَ مُعَادٍ لِلنَّوْعِ الإِْنْسَانِيِّ.

وَمِنْهَا: أَنَّهُ يُسَمَّى قَاتِلاً أَوْ فَاسِقًا أَوْ ظَالِمًا أَوْ عَاصِيًا بِقَتْلِهِ وَاحِدًا، كَمَا يُسَمَّى كَذَلِكَ بِقَتْلِهِ النَّاسَ جَمِيعًا.

وَمِنْهَا: أَنَّ اللَّهَ سُبْحَانَهُ جَعَلَ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَوَاصُلِهِمْ كَالْجَسَدِ الْوَاحِدِ، إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالْحُمَّى وَالسَّهَرِ ([1]).


الشرح

([1])أخرجه: البخاري رقم (6011)، ومسلم رقم (2586).