ثُمَّ أَخْبَرَ عَنْ
غَايَتِهِ بِأَنَّهُ سَاءَ سَبِيلاً، فَإِنَّهُ سَبِيلُ هَلَكَةٍ وَبَوَارٍ
وَافْتِقَارٍ فِي الدُّنْيَا، وَعَذَابٍ وَخِزْيٍ وَنَكَالٍ فِي الآْخِرَةِ.
وَلَمَّا كَانَ نِكَاحُ
أَزْوَاجِ الآْبَاءِ مِنْ أَقْبَحِهِ خَصَّهُ بِمَزِيدِ ذَمٍّ، فَقَالَ: {إِنَّهُۥ
كَانَ فَٰحِشَةٗ وَمَقۡتٗا وَسَآءَ سَبِيلًا} [النِّسَاءِ: 22] .
وَعَلَّقَ سُبْحَانَهُ
فَلاَحَ الْعَبْدِ عَلَى حِفْظِ فَرْجِهِ مِنْهُ، فَلاَ سَبِيلَ إِلَى الْفَلاَحِ
بِدُونِهِ، فَقَالَ: {قَدۡ أَفۡلَحَ
ٱلۡمُؤۡمِنُونَ ١ٱلَّذِينَ هُمۡ فِي صَلَاتِهِمۡ خَٰشِعُونَ ٢وَٱلَّذِينَ هُمۡ عَنِ
ٱللَّغۡوِ مُعۡرِضُونَ ٣وَٱلَّذِينَ هُمۡ لِلزَّكَوٰةِ فَٰعِلُونَ ٤وَٱلَّذِينَ
هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٥إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ
فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ ٦ فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ
هُمُ ٱلۡعَادُونَ ٧} [الْمُؤْمِنُونَ:
1- 7] .
وَهَذَا يَتَضَمَّنُ
ثَلاَثَةَ أُمُورٍ: أَنَّ مَنْ لَمْ يَحْفَظْ فَرْجَهُ لَمْ يَكُنْ مِنَ
الْمُفْلِحِينَ، وَأَنَّهُ مِنَ الْمَلُومِينَ، وَمِنَ الْعَادِينَ؛ فَفَاتَهُ
الْفَلاَحُ، وَاسْتَحَقَّ اسْمَ الْعُدْوَانِ، وَوَقَعَ فِي اللَّوْمِ؛
فَمُقَاسَاةُ أَلَمِ الشَّهْوَةِ وَمُعَانَاتُهَا أَيْسَرُ مِنْ بَعْضِ ذَلِكَ.
وَنَظِيرُ هَذَا أَنَّهُ
ذَمَّ الإِْنْسَانَ، وَأَنَّهُ خُلِقَ هَلُوعًا لاَ يَصْبِرُ عَلَى سَرَّاءَ وَلاَ
ضَرَّاءَ.
بَلْ إِذَا مَسَّهُ
الْخَيْرُ مَنَعَ وَبَخِلَ، وَإِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزِعَ، إِلاَّ مَنِ
اسْتَثْنَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ مِنَ النَّاجِينَ مِنْ خَلْقِهِ، فَذَكَرَ مِنْهُمْ: {وَٱلَّذِينَ
هُمۡ لِفُرُوجِهِمۡ حَٰفِظُونَ ٢٩إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ
فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ ٣٠فَمَنِ ٱبۡتَغَىٰ وَرَآءَ ذَٰلِكَ فَأُوْلَٰٓئِكَ
هُمُ ٱلۡعَادُونَ ٣١} [الْمَعَارِجِ:
29- 31] .
فَأَمَرَ اللَّهُ تَعَالَى نَبِيَّهُ أَنْ يَأْمُرَ الْمُؤْمِنِينَ بِغَضِّ أَبْصَارِهِمْ، وَحِفْظِ فُرُوجِهِمْ، وَأَنْ يُعْلِمَهُمْ أَنَّهُ مُشَاهِدٌ لأَِعْمَالِهِمْ، مُطَّلِعٌ عَلَيْهَا، {يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} [غَافِرٍ: 19] .