×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وَالسُّكُونُ إِلَى ذَلِكَ وَاسْتِجْلاَبُهُ يَدُلُّ عَلَى خَسَارَةِ النَّفْسِ وَوَضَاعَتِهَا، وَإِنَّمَا شَرَفُ النَّفْسِ وَزَكَاؤُهَا وَطَهَارَتُهَا وَعُلُوُّهَا بِأَنْ يَنْفِيَ عَنْهَا كُلَّ خَطْرَةٍ لاَ حَقِيقَةَ لَهَا، وَلاَ يَرْضَى أَنْ يُخْطِرَهَا بِبَالِهِ، وَيَأْنَفَ لِنَفْسِهِ مِنْهَا.

ثُمَّ الْخَطَرَاتُ بَعْدُ أَقْسَامٌ تَدُورُ عَلَى أَرْبَعَةِ أُصُولٍ:

خَطَرَاتٌ يَسْتَجْلِبُ بِهَا الْعَبْدُ مَنَافِعَ دُنْيَاهُ.

وَخَطَرَاتٌ يَسْتَدْفِعُ بِهَا مَضَارَّ دُنْيَاهُ.

وَخَطَرَاتٌ يَسْتَجْلِبُ بِهَا مَصَالِحَ آخِرَتِهِ.

وَخَطَرَاتٌ يَسْتَدْفِعُ بِهَا مَضَارَّ آخِرَتِهِ.

فَلْيَحْصُرِ الْعَبْدُ خَطَرَاتِهِ وَأَفْكَارَهُ وَهُمُومَهُ فِي هَذِهِ الأَْقْسَامِ الأَْرْبَعَةِ، فَإِذَا انْحَصَرَتْ لَهُ فِيهَا أَمْكَنَ اجْتِمَاعُهُ مِنْهَا وَلَمْ يَتْرُكْهُ لِغَيْرِهِ، وَإِذَا تَزَاحَمَتْ عَلَيْهِ الْخَطَرَاتُ لِتَزَاحُمِ مُتَعَلِّقَاتِهَا، قَدَّمَ الأَْهَمَّ فَالأَْهَمَّ الَّذِي يَخْشَى فَوْتَهُ، وَأَخَّرَ الَّذِي لَيْسَ بِأَهَمَّ وَلاَ يَخَافُ فَوْتَهُ.

بَقِيَ قِسْمَانِ آخَرَانِ:

أَحَدُهُمَا: مُهِمٌّ لاَ يَفُوتُ.

وَالثَّانِي: غَيْرُ مُهِمٍّ وَلَكِنَّهُ يَفُوتُ.

فَفِي كُلٍّ مِنْهُمَا مَا يَدْعُو إِلَى تَقْدِيمِهِ، فَهُنَا يَقَعُ التَّرَدُّدُ وَالْحَيْرَةُ، فَإِنْ قَدَّمَ الْمُهِمَّ؛ خَشِيَ فَوَاتَ مَا دُونَهُ، وَإِنْ قَدَّمَ مَا دُونَهُ فَاتَهُ الاِشْتِغَالُ بِهِ عَنِ الْمُهِمِّ.

وَكَذَلِكَ يَعْرِضُ لَهُ أَمْرَانِ لاَ يُمْكِنُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا، وَلاَ يَحْصُلُ أَحَدُهُمَا إِلاَّ بِتَفْوِيتِ الآْخَرِ، فَهُذا مَوْضِعُ اسْتِعْمَالِ الْعَقْلِ وَالْفِقْهِ وَالْمَعْرِفَةِ. وَمِنْ هَاهُنَا ارْتَفَعَ مَنِ ارْتَفَعَ وَأَنْجَحَ مَنْ أَنْجَحَ، وَخَابَ مَنْ خَابَ.


الشرح