وَهَذَا مِنْ بَابِ تَدَاخُلِ الْعِبَادَاتِ فِي
الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ، وَهُوَ بَابٌ عَزِيزٌ شَرِيفٌ، لاَ يَدْخُلُ مِنْهُ
إِلاَّ صَادِقٌ حَاذِقُ الطَّلَبِ، مُتَضَلِّعٌ مِنَ الْعِلْمِ، عَالِي
الْهِمَّةِ، بِحَيْثُ يَدْخُلُ فِي عِبَادَةٍ يَظْفَرُ فِيهَا بِعِبَادَاتٍ
شَتَّى، وَذَلِكَ فَضْلُ اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ.
****
الشرح
قوله: «الْخَطَرَاتِ»، يعني: ما يَرِد على بالِ
الإنسانِ من أفكارٍ، فبَعضها يكُون في إصلاحِ الدنيَا والآخِرة، وبَعضها يكُون في
إفسادِهما، فَلْيتخيَّر العبدُ ما يكونُ فيه صَلاحه، وَلْيُعرِض عما فيه مَهلكته
وضَلاله.
وقوله: «أُنْزِلَ الْقُرْآنُ لِيُعْمَلَ بِهِ،
فَاتَّخَذُوا تِلاَوَتَهُ عَمَلاً»، فبَعضُ الناسِ ليسَ هَمُّه إلا تَحسين
التِّلاوة والتَّجويد، لكنه لا يَهتمّ بمَعنى الآيةِ ولا يَعمل به، فهَذا أخذَ الوسيلةَ
وتركَ الغايةَ.
وقوله: «وَهَذَا مِنْ بَابِ تَدَاخُلِ الْعِبَادَاتِ
فِي الْعِبَادَةِ الْوَاحِدَةِ»، فالذِي يُصلِّي مَنهِي عن التَّفكيراتِ، إلا
إذا كانَ يفكِّر في شيءٍ من العِبادة، فهذا طاعةٌ في طاعةٍ.
***
الصفحة 8 / 375