×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

وقوله: «وَالْكَلاَمُ أَسِيرُكَ» هذا عَجيبٌ، ما دامَ أنك ما تكلَّمت فهو أسيرٌ عِندك، فإذا تكلَّمت صِرتَ أنت الأسِيرَ، وقد يُقتَل الإنسانُ بسببِ كلمةٍ نطقَ بها فأَوْرَدَتْهُ المَهالك.

يَمُوتُ الفَتَى مِنْ عَثْرَةٍ بِلِسَانِهِ

 

وَلَيْسَ يَمُوتُ المَرْءُ مِنْ عَثْرَةِ الرِّجْلِ

فَعَثْرَتُهُ مِنْ فِيهِ تَرْمِي بِرَأْسِهِ

 

وَعَثْرَتُهُ بِالرِّجْلِ تَبْرَا عَلَى مَهَلٍ([1]).

قوله: «فَالسَّاكِتُ عَنِ الْحَقِّ شَيْطَانٌ أَخْرَسُ، عَاصٍ لِلَّهِ، مُرَاءٍ مُدَاهِنٌ إِذَا لَمْ يَخَفْ عَلَى نَفْسِهِ»، إذا خافَ وسكتَ فهو يَدرأ ما هو أَعظمُ، أما إذا لم يَخَفْ على نفسِه وقد رَأى المُنكر فيَجِب عليه إنكارُه؛ لأن السَّاكِت عن الحَقِّ شَيطانٌ أَخْرَسُ، والذِي يَتكلَّم بالباطلِ شيطانٌ ناطقٌ، فالواجبُ أن الإنسانَ يتكلَّم بالحقِّ، ويَسكُت عن الباطلِ.

وقوله: «وَيَأْتِي بِسَيِّئَاتٍ أَمْثَالِ الْجِبَالِ فَيَجِدُ لِسَانَهُ قَدْ هَدَمَهَا مِنْ كَثْرَةِ ذِكْرِ اللَّهِ وَمَا اتَّصَلَ بِهِ»، وما أكثرَ الكلامَ الطيِّب {إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ} [فاطر: 10] ، فالكلامُ الطيِّب كثيرٌ؛ من ذِكْر اللهِ، وتِلاوة القُرآن، والأمرِ بالمَعروف والنهيِ عن المُنكر، وتَعليم الناسِ الخيرَ.

فهذا الفَصْلُ عظيمٌ جدًّا يحتاجُ إلى تأمُّلٍ.

***


الشرح

([1])البيتان لعلي بن أبي طالب، ينظر: ديوانه (ص: 160).