فَصْلٌ
وَأَمَّا الْخُطُوَاتُ:
فَحِفْظُهَا بِأَنْ لاَ يَنْقِلَ قَدَمَهُ إِلاَّ فِيمَا يَرْجُو ثَوَابَهُ،
فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خُطَاهُ مَزِيدُ ثَوَابٍ، فَالْقُعُودُ عَنْهَا خَيْرٌ
لَهُ، وَيُمْكِنُهُ أَنْ يَسْتَخْرِجَ مِنْ كُلِّ مُبَاحٍ يَخْطُو إِلَيْهِ
قُرْبَةً يَنْوِيهَا لِلَّهِ، فَتَقَعُ خُطَاهُ قُرْبَةً.
وَلَمَّا كَانَتِ
الْعَثْرَةُ عَثْرَتَيْنِ: عَثْرَةَ الرِّجْلِ وَعَثْرَةَ اللِّسَانِ، جَاءَتْ
إِحْدَاهُمَا قَرِينَةَ الأُْخْرَى فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَعِبَادُ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ
قَالُواْ سَلَٰمٗا} [الْفُرْقَانِ:
63] .
فَوَصَفَهُمْ
بِالاِسْتِقَامَةِ فِي لَفْظَاتِهِمْ وَخُطُوَاتِهِمْ، كَمَا جَمَعَ بَيْنَ
اللَّحَظَاتِ وَالْخَطَرَاتِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {يَعۡلَمُ خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ
وَمَا تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} [غَافِرٍ: 19] .
****
الشرح
تقدَّم أن الإنسانَ يُؤتَى
مِن عِدَّة جِهات: مِن النظرِ، ومِن الكَلام، ومِن التفكيرِ في القَلب، ويُؤتَى من
الخَطوات: وهي المَشْي إلى ما حرَّم اللهُ.
فالخَطوات إذا كانتْ إلى الطاعةِ فهي عِبادةٌ، كالمَشي إلى المسَاجد، والمَشي إلى الحَج والعُمرة، والمَشي إلى حِلَق الذِّكْر وطَلب العِلم، قالَ تَعالى: { إِنَّا نَحۡنُ نُحۡيِ ٱلۡمَوۡتَىٰ وَنَكۡتُبُ مَا قَدَّمُواْ وَءَاثَٰرَهُمۡۚ} [يس: 12] ، جاءَ في تفسيرِ {وَءَاثَٰرَهُمۡۚ} أنها: المَشي إلى المَساجد ([1])، وكذلك أعمالُهم الصَّالحة التِي يَتركونها خَلفهم من الأوقافِ والصَّدقات وغَير ذلكَ.
الصفحة 1 / 375