الشَّاهِد أن الآثارَ إلى
العِبادة تُكتَب، أما الآثارُ والمَشي إلى المَعاصي فإنها تُكتَب عليهم سيِّئاتٍ.
وقوله: «لاَ يَنْقِلَ قَدَمَهُ إِلاَّ فِيمَا
يَرْجُو ثَوَابَهُ» يعني: إلى الطَّاعات، أو إلى طَلبِ الرِّزق والأشياءِ
المُباحة.
وقوله: «فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي خُطَاهُ مَزِيدُ
ثَوَابٍ، فَالْقُعُودُ عَنْهَا خَيْرٌ لَهُ» يعني: التأخُّر عن حُضور
المُحرَّمات والمَعاصي فيه خيرٌ له، فالذِي يبقَى في بَيته أو يبقَى في مَكَانه
يَسْلَم مِن الشُّرور، أمَّا الذِين يَذهبُون إلى المَسارح ودُور اللَّهْوِ
فهَؤلاء في إثمٍ والعِياذُ باللهِ.
وقوله: «فَتَقَعُ خُطَاهُ قُرْبَةً» حتى
الخُطوات المُباحة إذا نوَى بها طَاعة اللهِ والاستعانَة بها عَلى عِبادة اللهِ
صارتْ له أجرًا عِند اللهِ عز وجل ، فالذِي يَمشي ليَطلُب الرِّزق إذا نوَى به
الكَفاف، ونوَى به الاستعانةَ على العِبادة، كُتِب مَشيُه إليها عِبادةً بإذنِ
اللهِ.
وقَوله تَعالى: {وَعِبَادُ
ٱلرَّحۡمَٰنِ ٱلَّذِينَ يَمۡشُونَ عَلَى ٱلۡأَرۡضِ هَوۡنٗا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ ٱلۡجَٰهِلُونَ
قَالُواْ سَلَٰمٗا} [الفرقان: 63] جمعَ فيه بينَ عثرةِ الرِّجْل وعَثرة اللِّسان، فالإنسانُ يَتوقَّى
عَثرة الرِّجْل بأن يمشيَ على الأرضِ هَوْنًا بدونِ تكبُّرٍ وبدونِ خُيَلاء،
وبدونِ أذًى، ويتوقَّى عَثرة اللسانِ بأن يَكُفَّه عن الكَلام الذِي لا يَجُوز،
وعَثرة اللسانِ أَشَدُّ من عَثرة الرِّجْلِ.
وقوله: «كَمَا جَمَعَ بَيْنَ اللَّحَظَاتِ
وَالْخَطَرَاتِ» يعني: جمعَ بين الخَطراتِ في القَلب، وجمعَ بينَ النظرِ،
فقَوله: {يَعۡلَمُ
خَآئِنَةَ ٱلۡأَعۡيُنِ} [غافر: 19] هذا في خَطِيئات البَصر، وقَوله: {وَمَا
تُخۡفِي ٱلصُّدُورُ} [غافر: 19] هذا خَطيئات التفكيرِ، يعني: جمعَ بينَ النظرِ المُحرَّم،
والفِكْر المُحرَّم.
***
الصفحة 2 / 375