فالزواجُ مَصرفٌ شَرعيٌّ
لهذه الشهوةِ، يُنتِج الذُّرِّية الصالِحة، ويُنتِج الرجالَ والنساءَ، فهو معَ
كونِه قضاءً للشهوةِ فيه مَصلحةٌ عظيمةٌ، قالَ تَعالى: {نِسَآؤُكُمۡ حَرۡثٞ لَّكُمۡ} [البقرة: 223] ،
مِثلما يزرعُ الإنسانُ في الأرضِ فإنه يزرعُ في الرَّحِم وتَأتيه ذُرِّية، فهي
حَرْثٌ.
فإذا ضُيِّعت هذه الغريزةُ
في الزنَا حصلتْ مَفاسدُ، كضَياع الأنسابِ وانتشارِ الأمراضِ، وإذا ضُيِّعت في
اللواطِ فهي أَشَدُّ؛ لأنها تُفسِد الرجالَ، وتُفسِد المُجتمعات، وتُضيِّع
النَّسْلَ، وتُورِث الأمراضَ التِي هي أشدُّ الأمراضِ، مِثل ما هو الآنَ معروفٌ في
العالمِ مَرض فَقْدِ المَناعة الذِي يُسَمُّونه: «الإِيدز»، وأصبحَ مَن يُصاب به يُعزَل عن الناسِ إلى أن يموتَ، لأنه
ليسَ له عِلاجٌ.
فهذه عُقوبةٌ عظيمةٌ شنيعةٌ
والعِياذُ باللهِ، ولذلكَ أُمِر المسلمونَ بعملِ الوسائلِ التِي تمنعُ مِن هَذه
الجَريمة، فقالَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم : «مُرُوا أَوْلاَدَكُمْ بِالصَّلاَةِ وَهُمْ أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ،
وَاضْرِبُوهُمْ عَلَيْهَا وَهُمْ أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وَفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ فِي
المَضَاجِعِ» ([1])، هذا لأجلِ
حِماية أعراضِهم، ولئلاَّ تتحرَّك الشهوةُ بينَهم.
وأُمِروا كذلكَ بغَضِّ
البصرِ حِمايةً لهم من مُقدِّمات الفاحشةِ، ونُهُوا عن مُخالَطة من يحصلُ بمُخالطتِه
وصولٌ إلى هذه الجَريمة.
كلُّ ذلكَ لحِفظ الناسِ من هذه الجَريمة البَشِعة، فإذا وقعتْ فلابُدَّ أن تُعالَج بعُقوبةٍ تُقابِل بَشاعتها؛ حتى تَردع الفاعِل وتَردع الآخرينَ، وهي: تُحتِّم قتلَه؛ لأن في بَقائه فسادًا في المُجتمع، فلو بَقِيَ اللُّوطِيُّ أفسدَ المُجتمع واقتدَى به غَيره؛ فلذلكَ يُقطَع ويُبتَر بالقتلِ.
([1])أخرجه: أبو داود رقم (495)، وأحمد رقم (6756)، والحاكم رقم (708).