فَصْلُ
فِي الأَْجْوِبَةِ عَمَّا
احْتَجَّ بِهِ مَنْ جَعَلَ عُقُوبَةَ هَذِهِ الْفَاحِشَةِ دُونَ عُقُوبَةِ
الزِّنَا.
أَمَّا قَوْلُهُمْ: إِنَّهَا
مَعْصِيَةٌ لَمْ يَجْعَلِ اللَّهُ فِيهِ حَدًّا مُعَيَّنًا، فَجَوَابُهُ مِنْ
وُجُوهٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّ
الْمُبَلِّغَ عَنِ اللَّهِ جَعَلَ حَدَّ صَاحِبِهَا الْقَتْلَ حَتْمًا، وَمَا
شَرَعَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَإِنَّمَا شَرَعَهُ عَنِ اللَّهِ،
فَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّ حَدَّهَا غَيْرُ مَعْلُومٍ بِالشَّرْعِ فَهُوَ بَاطِلٌ،
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّهُ غَيْرُ ثَابِتٍ بِنَصِّ الْكِتَابِ لَمْ يَلْزَمْ مِنْ
ذَلِكَ انْتِفَاءُ حُكْمِهِ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ.
****
الشرح
تقدَّمَ كلامُ المُصنِّف
رحمه الله عن عُقوبة اللواطِ، وأن هَذه الجَريمة القَبيحة مُنافِية للفِطَر
والعُقول، ولذلكَ شدَّد اللهُ سبحانه وتعالى في إنكارِها وعُقوبتها، وأوَّل ما
حَصَلَت في قومِ لُوطٍ، لم يَسبِقهم أحدٌ من العَالمين، ولهذا قالَ لهم نبيُّهم
لوطٌ: {وَلُوطًا
إِذۡ قَالَ لِقَوۡمِهِۦٓ أَتَأۡتُونَ ٱلۡفَٰحِشَةَ مَا سَبَقَكُم بِهَا مِنۡ أَحَدٖ
مِّنَ ٱلۡعَٰلَمِينَ ٨٠إِنَّكُمۡ لَتَأۡتُونَ ٱلرِّجَالَ شَهۡوَةٗ مِّن دُونِ ٱلنِّسَآءِۚ
بَلۡ أَنتُمۡ قَوۡمٞ مُّسۡرِفُونَ ٨١} [الأعراف: 80، 81] .
اللهُ جل وعلا خلقَ الذكرَ والأُنثى، وجعلَ مَحَلّ الحَرْثِ والاستمتاعِ في المَرأة: {وَمِنۡ ءَايَٰتِهِۦٓ أَنۡ خَلَقَ لَكُم مِّنۡ أَنفُسِكُمۡ أَزۡوَٰجٗا لِّتَسۡكُنُوٓاْ إِلَيۡهَا وَجَعَلَ بَيۡنَكُم مَّوَدَّةٗ وَرَحۡمَةًۚ} [الروم: 21] ، { نِسَآؤُكُمۡ حَرۡثٞ لَّكُمۡ فَأۡتُواْ حَرۡثَكُمۡ أَنَّىٰ شِئۡتُمۡۖ} [البقرة: 223] ، فالمَرأة هي مَحَلّ الاستمتاعِ، ومَحَلّ الذُّرِّية والإنجابِ، جعلَها اللهُ مَصرِفًا لهذه الشهوةِ، فهي مَحَلٌّ لائقٌ ومُفِيد يحصلُ به غضُّ البصرِ وإحصانُ الفَرْجِ، ويحصلُ به الذُّرِّية، ويُوافق فِطْرَة اللهِ التي فَطَرَ خلقَه عَليها.
الصفحة 1 / 375