×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 فَصْلُ

وَأَمَّا قِيَاسُكُمْ وَطْءَ الرَّجُلِ لِمِثْلِهِ عَلَى تَدَالُكِ الْمَرْأَتَيْنِ، فَمِنْ أَفْسَدِ الْقِيَاسِ، إِذْ لاَ إِيلاَجَ هُنَاكَ، وَإِنَّمَا نَظِيرُهُ مُبَاشَرَةُ الرَّجُلِ الرَّجُلَ مِنْ غَيْرِ إِيلاَجٍ، عَلَى أَنَّهُ قَدْ جَاءَ فِي بَعْضِالآْثَارِ الْمَرْفُوعَةِ: «إِذَا أَتَتِ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ فَهُمَا زَانِيَتَانِ» ([1]). وَلَكِنْ لاَ يَجِبُ الْحَدُّ بِذَلِكَ، لِعَدَمِ الإِْيلاَجِ، وَإِنْ أُطْلِقَ عَلَيْهِمَا اسْمُ الزِّنَا الْعَامُّ، كَزِنَا الْعَيْنِ وَالْيَدِ وَالرِّجْلِ وَالْفَمِ.

وَإِذَا ثَبَتَ هَذَا: فَأَجْمَعَ الْمُسْلِمُونَ عَلَى أَنَّ حُكْمَ التَّلَوُّطِ مَعَ الْمَمْلُوكِ كَحُكْمِهِ مَعَ غَيْرِهِ. وَمَنْ ظَنَّ أَنَّ تَلَوُّطَ الإِْنْسَانِ بِمَمْلُوكِهِ جَائِزٌ، وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِلَّا عَلَىٰٓ أَزۡوَٰجِهِمۡ أَوۡ مَا مَلَكَتۡ أَيۡمَٰنُهُمۡ فَإِنَّهُمۡ غَيۡرُ مَلُومِينَ} [الْمَعَارِجِ: 30] ، وَقَاسَ ذَلِكَ عَلَى أَمَتِهِ الْمَمْلُوكَةِ، فَهُوَ كَافِرٌ، يُسْتَتَابُ كَمَا يُسْتَتَابُ الْمُرْتَدُّ، فَإِنْ تَابَ وَإِلاَّ ضُرِبَتْ عُنُقُهُ، وَتَلَوُّطُ الإِْنْسَانِ بِمَمْلُوكِهِ كَتَلَوُّطِهِ بِمَمْلُوكِ غَيْرِهِ فِي الإِْثْمِ وَالْحُكْمِ.

****

الشرح

الذينَ لا يَرَوْنَ الحَدَّ في اللواطِ يَقِيسُونه على السِّحَاقِ بينَ النساءِ، ويَقولون: إذا أَتَت المَرأةُ المَرأةَ ففيه تَعزيرٌ وليسَ فيه حَدٌّ، ومِثله اللواطُ ليسَ فيه حَدٌّ وإنما فِيه التَّعزيرُ.

والمُصنِّف رحمه الله يَرُدُّ عليهم بأن هذا الكلامَ فيه نَظَرٌ، لأن السِّحَاق ليسَ فيه إيلاجٌ وإنما هُو مُدَالَكَةٌ فقط بينَ النساءِ، بخِلاف الجَريمة القَبيحة ففِيها إيلاجٌ، وهي تُشْبِه الزنَا؛ فبَينهما فَرقٌ وَاضِح، فلا يُقاس اللواطُ على المُساحَقة بين النِّساء.


الشرح

([1])أخرج الطبراني في الأوسط رقم (4175).