×
تعْليقَاتٌ على الجَوابِ الكَافي الجزء الثاني

 السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ ثَبَاتًا وَشَجَاعَةً وَقُوَّةً، فَجَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ سُلْطَانِ النُّصْرَةِ وَالْحُجَّةِ، وَسُلْطَانُ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ، كَمَا فِي الأَْثَرِ: «الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ، يَفِرُّ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ» ([1]).

وَضِدُّ هَذَا تَجِدُ فِي الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ ذُلِّ النَّفْسِ وَوَضَاعَتِهَا وَمَهَانَتِهَا وَخِسَّتِهَا وَحَقَارَتِهَا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيمَنْ حَصَاهُ. كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: «إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ، وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ، أَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ» ([2]).

وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ الْعِزَّ قَرِينَ طَاعَتِهِ، وَالذُّلَّ قَرِينَ مَعْصِيَتِهِ، فَقالَ تَعالى: {وَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ} [الْمُنَافِقُونَ: 8] ، وَقالَ تَعالى: {وَلَا تَهِنُواْ وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} [آلِ عِمْرَانَ: 139] ، وَالإِْيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ.

وَقالَ تَعالى: {مَن كَانَ يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ} [فَاطِرٍ: 10] ، أَيْ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ فَلْيَطْلُبْهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ مِنَ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.

وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: «إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» ([3]). وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالاَهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الْعِزِّ بِحَسَبِ طَاعَتِهِ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَادَاهُ فِيمَا عَصَاهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الذُّلِّ بِحَسَبِ مَعْصِيَتِهِ.


الشرح

([1])أخرجه: أبو نعيم في الحلية (2/365).

([2])أخرجه: أبو نعيم في حلية الأولياء (2/149) بنحوه.

([3])أخرجه: أبو داود رقم (1425)، والترمذي رقم (464)، والنسائي رقم (1745)، وابن ماجه رقم (1178).