السَّابِعَةُ: أَنَّهُ يُورِثُ الْقَلْبَ
ثَبَاتًا وَشَجَاعَةً وَقُوَّةً، فَجَمَعَ اللَّهُ لَهُ بَيْنَ سُلْطَانِ
النُّصْرَةِ وَالْحُجَّةِ، وَسُلْطَانُ الْقُدْرَةِ وَالْقُوَّةِ، كَمَا فِي
الأَْثَرِ: «الَّذِي يُخَالِفُ هَوَاهُ، يَفِرُّ الشَّيْطَانُ مِنْ ظِلِّهِ» ([1]).
وَضِدُّ هَذَا تَجِدُ فِي
الْمُتَّبِعِ لِهَوَاهُ مِنْ ذُلِّ النَّفْسِ وَوَضَاعَتِهَا وَمَهَانَتِهَا
وَخِسَّتِهَا وَحَقَارَتِهَا مَا جَعَلَهُ اللَّهُ سُبْحَانَهُ فِيمَنْ حَصَاهُ.
كَمَا قَالَ الْحَسَنُ: «إِنَّهُمْ وَإِنْ طَقْطَقَتْ بِهِمُ الْبِغَالُ،
وَهَمْلَجَتْ بِهِمُ الْبَرَاذِينُ، إِنَّ ذُلَّ الْمَعْصِيَةِ فِي رِقَابِهِمْ،
أَبَى اللَّهُ إِلاَّ أَنْ يُذِلَّ مَنْ عَصَاهُ» ([2]).
وَقَدْ جَعَلَ اللَّهُ
سُبْحَانَهُ الْعِزَّ قَرِينَ طَاعَتِهِ، وَالذُّلَّ قَرِينَ مَعْصِيَتِهِ، فَقالَ
تَعالى: {وَلِلَّهِ
ٱلۡعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِۦ وَلِلۡمُؤۡمِنِينَ} [الْمُنَافِقُونَ: 8] ، وَقالَ تَعالى: {وَلَا تَهِنُواْ
وَلَا تَحۡزَنُواْ وَأَنتُمُ ٱلۡأَعۡلَوۡنَ إِن كُنتُم مُّؤۡمِنِينَ} [آلِ عِمْرَانَ:
139] ، وَالإِْيمَانُ قَوْلٌ وَعَمَلٌ، ظَاهِرٌ وَبَاطِنٌ.
وَقالَ تَعالى: {مَن كَانَ
يُرِيدُ ٱلۡعِزَّةَ فَلِلَّهِ ٱلۡعِزَّةُ جَمِيعًاۚ إِلَيۡهِ يَصۡعَدُ ٱلۡكَلِمُ ٱلطَّيِّبُ
وَٱلۡعَمَلُ ٱلصَّٰلِحُ يَرۡفَعُهُۥۚ} [فَاطِرٍ: 10] ، أَيْ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعِزَّةَ
فَلْيَطْلُبْهَا بِطَاعَةِ اللَّهِ وَذِكْرِهِ مِنَ الْكَلِمِ الطَّيِّبِ
وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ.
وَفِي دُعَاءِ الْقُنُوتِ: «إِنَّهُ لاَ يَذِلُّ مَنْ وَالَيْتَ، وَلاَ يَعِزُّ مَنْ عَادَيْتَ» ([3]). وَمَنْ أَطَاعَ اللَّهَ فَقَدْ وَالاَهُ فِيمَا أَطَاعَهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الْعِزِّ بِحَسَبِ طَاعَتِهِ، وَمَنْ عَصَاهُ فَقَدْ عَادَاهُ فِيمَا عَصَاهُ فِيهِ، وَلَهُ مِنَ الذُّلِّ بِحَسَبِ مَعْصِيَتِهِ.
([1])أخرجه: أبو نعيم في الحلية (2/365).